اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 12:45 م

استدعاء عبدالناصر وطنيا لمواجهة الإخوان

السبت، 28 ديسمبر 2013 06:58 ص

منذ أن ذاق المصريون حكم جماعة الإخوان، واسم جمال عبدالناصر يقترن بها، فعلى الصعيد الشعبى تهتف المظاهرات: «عبدالناصر قالها زمان.. الإخوان ملهمش أمان»، وتتحدث كل القوى السياسية عن أن أسلوبه معهم هو الدواء الوحيد الذى يشفى المصريين من إرهاب هذه الجماعة».
المفارقة فى هذا الطرح، أن بعضا من القوى السياسية التى كانت تتحدث من قبل عن الرجل، زاعمة أنه «قمعى» و«ديكتاتور» هى الأكثر فى المطالبة باتباع سياسة ونهج عبدالناصر، فـ«الليبراليون» يقولون ذلك، ووصل الحد إلى أن قطاعا من السلفيين يذهبون نفس المذهب، بعد أن كانوا يصفونه بـ«الطاغوت»، وفى ذلك يتم إسقاط صفات من عبدالناصر على الفريق أول عبدالفتاح السيسى.
كل هذه الآراء يبدو منها أن من كانوا ينتقدون عبدالناصر يعتذرون له الآن، لكنها تقع فى خطأ كبير فى حق الرجل الذى رحل عن دنيانا يوم 28 سبتمبر عام 1970، فهى تطرحه فى تعامله مع «الجماعة» من الزاوية الأمنية وفقط، وهذا خطأ فادح ليس فى حق عبدالناصر وفقط، وإنما فى حق مصر حاضرا ومستقبلا.
لم يعتمد «عبدالناصر» على الأسلوب الأمنى فى مواجهة إرهاب «الإخوان» وفقط، صحيح أنه تم القبض على كوادرها فى قضية محاولتهم الفاشلة باغتياله بميدان المنشية عام 1954، وبعد الكشف عن تنظيم سيد قطب عام 1965، وفى المرتين حصل «ستة» على حكم بالإعدام.
تظل أزمة جماعة الإخوان مع «عبدالناصر» فى أنه صاحب مشروع حقيقى ترجمه على أرض الواقع، مشروع يقوم على الوطنية المصرية المرتبطة ببعديها العروبى والإسلامى، وذلك فى سياق مشروع شامل للنهضة الحقيقية التى تقوم على العدل الاجتماعى وتوجيه الثروة إلى مستحقيها من الفقراء، قاد عبدالناصر مصر إلى الاستقلال عن الاحتلال البريطانى، وأمم قناة السويس وبنى السد العالى، وجعل من مصر قبلة حركات التحرر العربية والأفريقية، ولا تتسع هذه المساحة لذكر الإنجازات العظيمة والتى خلدته فى التاريخ الإنسانى بحروف من نور، وجعلته هدفا من أمريكا وإسرائيل وحلفائهما فى الداخل والخارج، ومن دواعى الغرابة أن جماعة الإخوان اتفقت مع هؤلاء على خوض حرب لا هوادة فيها ضده فى حياته وبعد رحيله، صحيح أن هناك أخطاء فى تجربته لكن من قال إن هناك تجربة سياسية مكتملة الأركان، وهناك فرق بين أن يكون الخطأ فى سياق وطنى شامل وجامع، وأن يكون الحاكم مجرما يفرط فى مقدرات بلده.
وحين تواصل جماعة الإخوان حربها ضد عبدالناصر مستخدمة فى ذلك أحط الأساليب، لا تفعل ذلك لأن البعض منها تعرض للسجن فى زمنه، وإنما لأنها ترى فيه صاحب مشروع وطنى حقيقى يكشف كذبها وتزويرها.
وبالعودة إلى المطروح حاليا باستدعاء «عبدالناصر» فى التعامل مع الإخوان، أقول إنه من الضرورى أن يكون هذا استدعاء لمشروعه الوطنى النهضوى الشامل، وليس اختصار دور الرجل فى مجرد دور أمنى لمواجهة الإخوان والإرهاب، فعزل هؤلاء يكون الآن ببرنامج جاد للنهضة الشاملة بديمقراطية صحيحة ومسؤولة، وانحياز حقيقى للفقراء، وهذا ما يؤدى إلى عزل شعبى حقيقى لكل الذين يعبثون بمقدرات مصر.