اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-10

القاهره 07:20 ص

أين بناة السد العالى؟؟

الجمعة، 20 ديسمبر 2013 07:02 م

التصفيق الحاد الذى تلقاه أعضاء جمعية بناة السد العالى أمس يؤكد عطش المصريين إلى وجود شيئين بأقصى سرعة: الأول مشروع قومى يلتف حوله الشعب، والثانى رجال أفذاذ من تلك الخامة النبيلة التى قدّ منها بناة السد العالى!

فى قاعة المسرح الكبير بدار الأوبرا أقيمت أمس تحت رعاية رئاسة الجمهورية احتفالية بمناسبة مرور 70 عامًا على بداية تأسيس علاقات دبلوماسية بين مصر وروسيا (الاتحاد السوفييتى سابقاً )، وقد ألقى كل من وزير الثقافة المصرى الدكتور محمد صابر عرب، والسفير الروسى بالقاهرة كلمة أكد فيها على عمق العلاقات بين الشعبين وضرورتها وأهمية استعادة حرارتها التى بردت فى سنوات سابقة، ثم اتخذ الموسيقيون مواقعهم ليعزفوا لنا مقطوعات من الموسيقى العربية والروسية.

لكن أهم وأجمل ما فى الحفل تلك اللفتة الذكية بدعوة رئيس وأعضاء جمعية بناة السد العالى من المهندسين والعمال المصريين لحضور هذا الحفل، فأنت تعرف الدور الروسى الحاسم فى بناء هذا السد، حيث ساعدونا بالتمويل والمهندسين والتصاميم، وقد شارك رئيس الاتحاد السوفيتى آنذاك خروشوف وجمال عبد الناصر فى إطلاق شرارة بدء العمل فى السد.

لذا ما إن طلب مقدم الاحتفالية (لم يذكر لنا اسمه، ولم نجد برنامجًا لفقرات الحفل بكل أسف) من الجمهور تحية أعضاء جمعية بناة السد حتى التهبت الأيدى بالتصفيق، فقام الأعضاء الأجلاء (لم يكونوا جالسين فى مكان واحد، وهذا خطأ فى التنظيم )، ليردوا تحية الجمهور الغفير الذى امتلأت به القاعة!

إن ملحمة بناء السد العالى فى حاجة إلى تذكير باستمرار حتى تتعلم منها الأجيال الجديدة كيف استطاع المصريون مجابهة الصعاب بعزيمة من حديد، رافعين شعار العزة الوطنية فى مواجهة محاولات الإخضاع والتهديد من قوى كبرى تريد الهيمنة وتشترط الانصياع، فى الوقت الذى تؤكد فيه هذه الملحمة أن الإنسان المصرى قادر على بذل أقصى الجهود وتحمل أصعب المشاق إذا اقتنع بقيادته السياسية وبمشروع وطنى نبيل.
المثير للإعجاب بحق أن ملحمة بناء السد العالى تجلت فى عدة أعمال إبداعية خالدة منها أغنية عبد الحليم الشهيرة (قلنا هانبنى وادى إحنا بنينا السد العالى)، وأغنية عبد الوهاب الجميلة المنسية (ساعة الجد)، وديوان شاعرنا الكبير عبد الرحمن الأبنودى (جوابات حراجى القط العامل بالسد العالى) وغيرها، لذا ما إن رأينا فى الأوبرا أمس بناة السد العالى حتى غمرتهم عيوننا بالعرفان، ومنحتهم أيادينا التصفيق الذى يليق بهم وبجهدهم الخارق.

حين خرجت من دار الأوبرا تلقيت نسمات باردة منعشة.. وتساءلت.. ما أحوجنا الآن إلى رجال يمتلكون الإرادة والذكاء وحب الوطن، مثلما كان الرجال الذين بنوا السد العالى!