اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 03:16 م

مازلنا نحتاج إلى "فهمتكم"

الإثنين، 21 يناير 2013 06:55 ص

«فهمتكم» كانت كلمة السر فى الثورة العربية، بدأت فى تونس وانتقلت لمصر، وتنقلت بين اليمن وليبيا، فهمتكم قالها الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على، لكنه قالها بعد فوات الأوان، وظل مبارك ونظامه يقولون لسنا تونس وعندما «فهموها»، كان قطار الشعب قد تخطاهم، رحل صالح اليمن، وقذافى ليبيا، ومازال سوء الفهم يسيطر على الأوضاع، وهناك مسافات بين الشعب والحكم فى كل بلد من البلاد التى اجتاحها الربيع، بينما ماتزال تراوح مكانها ضمن خريف لايبدو أنه سينقشع سريعا.

لم يكن الأمر مجرد سوء فهم، لكنه سوء إدارة، وسوء نية، وخلط بين السلطة والثروة، وفساد، ونهب منظم، وتزوير للانتخابات والأهم هو الاحتكار للسلطة، ومعها الثروة، مما أدى لتقسيم المجتمع إلى قلة تستحوذ على أغلب الثروة والسلطة، وأغلبية فقيرة لا تملك من أمر نفسها شيئا.

سقطت الأنظمة المتسلطة ومرت الأيام والشهور وتبدلت الأشكال، وجاء أشخاص مكان أشخاص، لكن بقى سوء الفهم وسوء التقدير قائما، كانت الشعوب تتوقع وتتصور أنها سوف تنتقل من سوء الفهم، إلى التفهم، والمشاركة الحقيقية، وتنتهى مراحل كانت القرارات فيها تصدر داخل معابد مغلقة، والسياسة يدير أمورها كهنة مثل كهنة المعابد القديمة، لكن للأسف بقيت الطريقة هى نفسها تقريبا، فقد استحوذت فئة واحدة على السلطة، واستبدلت الوجوه من دون أن تغير الطريقة.

ومازلنا نلمح أهل الثقة الجدد يحلون مكان أهل الثقة القدامى، والأغلبية معزولة، بين سلطة متحكمة، ومعارضة مستبعدة ومفككة. سقطت الأنظمة، ولم ينته سوء الفهم، ولم تنته الطريقة والمنهج الذى يحكم البلاد، قرارات فوقية، وفرض أمر واقع، وقانون للانتخابات مايزال يمنع الشعب الوصول للسلطة، ويسهل فقط للمحترفين والقادرين، وما تزال الأولويات والأهداف غامضة وأحوال التعليم والعلاج والنقل والإسكان كما كانت فى السابق.

لا أحد يطالب بتغيير فورى للنظام، وحل نهائى لكل المشكلات، لكن على الأقل يريد الناس أن يعرفوا «رأسهم من أقدامهم»، وأن يطمئنوا لانتهاء الاستقطاب والانقسام، وأن تعرف السلطة ممثلة فى الرئيس وحزب الحرية والعدالة والحكومة، أن الحمل ثقيل، ومعقد ولا يمكن لطرف واحد أن يحمله.

وأن تخرج السلطة لتقول للناس «فهمتكم».. وتحتاج الأحزاب إلى أن تفهم ما يريده الشارع، وليس ما تريده هى، وأن يعرف كل تيار أن مهمته ليست إقناع مؤيديه، بل إقناع المختلفين معه، ويسعى لتفهم حجم التحول فى الحركة الشعبية، وشكل السلطة فى مصر والعالم.، حيث لا يمكن لفرد أو تيار أن ينفرد وحده بالسلطة.

مر عامان على الثورات التى أطاحت بديكتاتورات لم يكن من الممكن لهم أن يستمروا، ومعروف أن هذه الأنظمة نجحت طوال سنوات، فى تجريف البلاد، وخلقت أنظمة متشابكة، يسيطر عليها الأمن، وزرعت سوء الفهم وسوء الظن والفساد، ويحتاج تغييرها إلى بناء أنظمة جديدة، لا تكرر تجارب التسلط والفساد، نحتاج أنظمة تفهم وتتفهم فى وقتها، وليس بعد فوات الأوان.