اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 05:29 ص

هو "المصرى" بكام النهارده؟

الأربعاء، 16 يناير 2013 07:03 ص

واحد زى عشرين، وخمسة زى مية، كلها أرواح، سوف تتكرر كوارث القطارات والطرق، طالما بقيت الأسباب، والغبى وحده هو من يتوقع نتائج مختلفة من نفس الحدث. وكأننا أصابنا التبلد من كثرة الكوارث التى تبدو أحياناً بلا حل، ومن الصعب مواجهتها، لكن يبقى الضحايا هم وحدهم من يدفع الثمن، وليست مصادفة أن ضحايا قطار البدرشين وقبلهم ضحايا قطار العياط، وبينهم ضحايا أتوبيس أسيوط هم من الفقراء وأبناء الشعب، مثل من راحوا فى رفح. وفى كل مرة ينفتح المزاد، ويلقى كل طرف التهمة على الآخر. جماعة الإخوان كل همها ألا يتم تفسير الحادث تفسيراً سياسياً، وألا يتم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل. وكأن موت عشرين شاباً وجرح عشرات، لاعلاقة له بالسياسة أو الفشل. ونرى من يلقى مسؤولية الكارثة على بنية مبارك الأساسية المتهالكة، مثلما قال الدكتور الكتاتنى. والرد البسيط عليهم، هو أن الشعب ثار على مبارك ونظامه، بسبب الفساد والإهمال، والظلم، ولا يمكنه أن يستمر فى سماع موشح محفوظ لايغنى ولا يسمن.

الحكومة برئاسة الدكتور هشام قنديل، تبدو فى كل كارثة مثل «فأر مذعور»، تحرص على نفى الاتهامات، أكثر مما تحرص على العمل.. ومع كامل الاعتراف بالبنية المتهالكة، والإهمال من أيام مبارك، من الصعب قبول نفس التبريرات، فقد مرت أسابيع على كارثة العياط ومزلقان أسيوط، وفى كل مرة كانت هناك تصريحات ووعود لم تنفذ، فتكررت الحوادث. ولم نسمع أن الحكومة خرجت لتعلن حقيقة الأوضاع ومدى تهالك البنية الأساسية، أو حتى تراجع تقارير تقصى الحقائق التى شخصت الكوارث، فى مجالس الشعب والشورى أيام مبارك، وهى تقارير يمكن منها معرفة أسباب الخلل. حتى لاتظل تكرر حججا ومبررات، لاتكفى لإطفاء نار الحزن، وحرقة قلب الأمهات والآباء على فلذات أكبادهم.

ومهما كانت الظروف والمبررات، فإن استمرار الإهمال والفشل هو الفاعل فى كل جريمة. حتى لو كانت الحكومة ترفع مزاد التعويضات من ثلاثة آلاف إلى عشرة أو ثلاثين ألفا، وتتصور أنها قدمت ماعليها، بينما تمنح الإهمال مبرراً تطبيقاً لنظرية «اللى تعرف ديته سيبه يموت»، ليبقى المصرى بلا ثمن، ويتحول إلى بضاعة مثل الجنيه «المصرى بقى بكام النهارده؟». السؤال عن المواطن وليس العملة. وينخفض سعر المواطن، مع الجنيه.

طبعا الحكومة سوف تترك جهات التحقيق لتستكمل أوراقها، وتبحث عن المسؤول، الذى هو غالباً السائق، أو عمال المزلقان والإشارات والسيمافور. وهؤلاء بالطبع مسؤولون، لكنهم أيضاً ضحايا للإهمال والفوضى التى تضرب كل شىء. وخلفهم يقف متهمون ومسؤولون، لن يسألهم أحد. وحكومة تنسى الكارثة، بمجرد دفن الموتى، وتعتبر أن صرف التعويضات آخر المطاف. وتدخل مزاداً ترد به أعلى اتهامات المعارضة بالمسؤولية، وهو إقرار واقع. لن يغير من شعور المواطن بأنه رخيص. لايساوى أكثر من قيمة تعويض، لايمكنه أن يساوى ظفر واحد من هؤلاء الشهداء.