اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 03:07 م

العريان وقنديل.. ومرض التلبك السياسى

الثلاثاء، 01 يناير 2013 07:09 ص

أزمتنا السياسية ليست فى المشكلات والعجز، فهى مشكلات تواجهها الدول، وتتغلب عليها بالإرادة والصبر، والعمل العلمى القائم على حسابات. لكن مشكلتنا فى التلبك السياسى، والارتباك الحكومى، والتداخل بين جهات اتخاذ القرار، للدرجة التى يصعب فيها التمييز بين الرئاسة والجماعة، أو حزب الحرية والعدالة والحكومة، ولا الفرق بين السلطة التشريعية والتنفيذية.
أبرز مثال واضح لحالة التلبك والتردد السياسى، يكشف عن حالة من الهلامية غير المعقولة، أولها تصريحات الدكتور عصام العريان التى أعلن فيها أن اليهود تم طردهم من مصر، وأنه وجماعته يرحبون بعودة اليهود المصريين لبلدهم، والعريان هنا هو مستشار الرئيس، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، والقيادى بالجماعة، وعندما يتحدث فهو ينطق برأى الجماعة والرئاسة والحزب. وقد رأينا الجماعة تبرر وتفسر تصريحات العريان. والحقيقة أن العريان يقول كلاماً فيه الكثير من المغالطات التاريخية والسياسية. كجزء من إعادة صياغة التاريخ من وجهة نظر واحدة، بعيداً عما هو متوفر ومتاح من حقائق ووثائق. ولسنا فى معرض جدل تاريخى، لكننا أمام توقيت عاد فيه العريان من الولايات المتحدة، فهل التقى بقيادات المنظمات اليهودية بحثا عن مزيد من الدعم، وهل يواصل دعم جهود الجماعة لتقوية الدعم الأمريكى، والإسرائيلى، خاصة أن تصريحاته وجدت تشجيعاً وتأييداً وترحيباً من إسرائيل. ومعروف أن اليهود لا يريدون العودة، بل إنهم يسعون إلى زيادة المهاجرين للدولة اليهودية. وكل ما تفعله تصريحات العريان أنها تفتح الباب ليطالب اليهود بمليارات تعويضاً. بينما يتجاهل العريان حقوق المصريين والفلسطينيين عن الاحتلال وجرائمه. فمصر لم تقتل اليهود، لكن إسرائيل قتلت ودمرت وحرقت وطردت.
واللافت للنظر هنا، أنه فى زحام تصريحات العريان وقيادات الجماعة، لم نلمح ولو على سبيل الخطأ دعوة منهم لمطالبة إسرائيل بتعويضات عن جرائمها ولا حتى دعوة «للمصريين فى المقابر والعشوائيات ليعودوا إلى مصر»، فهم يعيشون خارج التاريخ والعالم، ولم نجد لهم تصريحاً أو مبادرة لمواجهة مشكلات مستعصية. ونجد لديهم ولعا كبيراً بمخاطبة الخارج والحصول على شهادات نجاح من الخارج قبل الداخل.
أما المثال الثانى على حالة التلبك السياسى، فهو ما جرى مع قانون تنظيم التظاهر، الذى أعلن عنه رئيس الوزراء، ونشرته جريدة الحرية والعدالة الناطقة باسم الإخوان وحزبهم. وتم وضعه فى جدول تشريعات مجلس الشورى الأولى بالمناقشة، ثم عادوا جميعاً ليتنصلوا وينفوا، وتكذبهم الوقائع. ولسنا فى معرض مناقشة القانون، لكننا فى معرض نظام متردد لا تعرف له حكومة من رئاسة والجماعة من رئاسة. لا يعرف أولوياته، ويفكر فى تنظيم التظاهر، بدلاً من أن يفكر فى إنهاء أسباب التظاهر. أو إزالة المخالفات والاعتداء على أراضى الدولة، أو الطرقات. ويركز على مواجهة الاحتجاجات، قبل مواجهة الزبالة أو تنظيم المرور. نظام يتحدث عن حوار، وهو يطرح القوانين من دون مناقشة أو حوار.
السياسة وليس غيرها، هى ما نريده.. وقد ظللنا طوال عامين نؤكد على أن الوضع السياسى والاقتصادى فى مصر أكثر تعقيداً من أن يحمل عبئه شخص أو تيار، مهما كانت قدراته. لكننا نرى تردداً وارتباكاً فى اتخاذ القرار، وتضاربا يضاعف من تعقيد كل سهل.