اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 07:17 م

إسلام بحيرى

إسلام بحيرى يكتب: فن ختان الإخوان

الأربعاء، 13 يونيو 2012 02:08 م

بمقارنة بسيطة فقد استغرق نظام مبارك ثلاثين عاما لتتعرى سوأته، ويضج الناس منه ومن ظلمه، ويثوروا عليه، ولم يستغرق «الإخوان» إلا عاما واحدا، بل أقل، ليعرفهم الناس على حقيقتهم، ويروا وجههم «الراسبوتينى»، ويتبينوا الخيط الأبيض من الأسود من كذبهم، وادعائهم، ومداهنتهم، ومصلحتهم العليا، وخداعهم وعنفهم –اللفظى حتى الآن-، وما زال فى حقيبة الساحر ألوان من البطش والعذاب لن يجليها «الإخوان» إلا لوقتها حين تقوم الساعة بتملكهم رقابنا جميعا. ولأن الإخوان دوما يذكروننا بما قد ننساه، فقد كانت لمحتهم الدعائية لـ«مرسى» – وكعادتهم - تحمل كل ألوان الطيف، ففى محافظة تجد «مرسى» رجل الصناعة، وفى أخرى نجد «مرسى» رجل الزراعة، وفى الثالثة نكتشف أن «مرسى» رجل سياحة محنك، حتى تكاد تجد «مرسى» مختلفا لكل محافظة، ولكن اللقطة الملهمة والفارقة خلال حملتهم لـ«مرسى» كانت فى محافظة «المنيا»، فقد رأى الإخوان بحصافتهم أن الدعاية المثلى لـ«مرسى» فى تلك المحافظة تكمن فى إجراء عملية «الختان»- شبه مجانا- للبنات الصغيرات من أجل اقتلاع هذا التكوين الجلدى الفطرى الذى يمثل خطرا كبيرا على كل التيارات المتأسلمة، يجاوز خطر المغول والصليبيين.
وإذا أمعنا النظر لوجدنا أن «الإخوان» قد ذكرونا شاكرين بأننا بالفعل نحتاج جدا أن نتذكر أسباب وأهداف عملية «الختان»، ولكن على مستوى بلد بأكمله.
فكل التيارات الوهابية بزعامة الإخوان يدّعون دوما أن هذه العملية تجعل من البنت فيما بعد امرأة صالحة، تصاحبها العفة أينما حلت وارتحلت، حيث اقتلاع هذا الجزء منها يقتلع معه «الهياج الجنسى» حال بلوغها.
ولو أخذنا ذات التفسير لذات العملية لوجدناه يكاد ينطبق على الإخوان، وليس غيرهم، انطباقا تاما، ولوجدنا من خلاله أيضا الدواء الشافى لمصر والإخوان معا، ولكن كيف؟
فبعد أيام من سقوط «مبارك» أظهر الإخوان أنفسهم فى البداية- كعادتهم الأليفة فى بداية كل شىء - على أنهم الحملان الودعاء المترفعون عن الدنايا والمغانم، والذين تحلموا عبء الثورة، ثم لم ينغمسوا فى ملذات نصرها، وبدأ «الإخوان» فى رسائل التنويم المغناطيسى، وظهرت شعارات «مشاركة لا مغالبة»، و«الإخوان جزء من نسيج هذا الوطن»، وكان الشعار الأبرز «الإخوان لن ترشح رئيسا»، بل إنهم فصلوا من مكتب الإرشاد من تمرد على ذلك، وفى أوج هذا التنويم كتبنا وقلنا وأكدنا للقوى المدنية والثورية ألا تصدقوا الإخوان، ولكن الذكرى فى مصر لا تنفع العاقلين.
ثم لما انتهى دور مرحلة الحملان الطيبين الوطنيين كانت المرحلة «الراسبوتينية» الموروثة من جذور الجماعة، وهى المرحلة التى أسميها «الهياج السياسى» أو «السعار السياسى»، فمصر أصبحت جسدا مباحا لهم لا يسأل عن شرفه أحد، فكل يلتف على ميدانه «تحرير أو عسكر»، فبدأ الإخوان فى التهام كل شىء مسلحين بكل شىء، فركبوا دابة الثورة، ورفعوا راية الإسلام، وأشهروا سيف السياسة ومتطلباتها، فكان لهم كل شىء فى مرحلة «الهياج السياسى».. نقابات، مجلس الشعب، مجلس الشورى، اللجنة التأسيسية للدستور، طالبوا بالحكومة، دفعة فى الشرطة، قوانين تحميهم، قوانين تبرئ قادتهم، قوانين تحميهم من المستقبل، وأخيرا كانت ضربتهم الكبيرة.. الترشح للرئاسة، لأنهم أدركوا أن ربط العقال على رقبة مصر وجرها لجماعتهم الكونية سنفلت إن لم يربط فى شجرة الرئاسة، فرشحوا تاجرهم الشهير، ثم لما طار كانوا قد أبقوا واحدا آخر فى العش.
ولن أحكى كثيرا عن تاريخهم مع الثورة والثوار، فكم باعوها وساوموا على دمائها، وكم نسوا أسماءها الحسنى تبعا لمصلحة الجماعة التى لا يعرفون غيرها، رافعين قولهم الأثير إن آراءهم تتغير بتغير الأحوال والظروف، والحقيقة أن الظروف لا تتغير، ولكن الثابت الوحيد أن الإخوان متغيرون بوجه مع كل صباح.
وظن الإخوان تبعا لصلفهم الانتخابى المعهود أن «العريس» سينهى الأمر فى «ليلة الدخلة» من الساعة الأولى، ولكنهم وجدوا أنفسهم لا يحصلون إلا على أقل من عشرين بالمائة من أصوات من نزلوا، ولكنهم فى ذات الوقت وجدوا ضالتهم فى وصول الإعادة مع «شفيق»، فقرروا على الفور أن يغمدوا راية الإسلام ويستغنوا عن «السكر والزيت» ويرفعوا فورا وبسرعة «اليافطة» التى كانت تحت سرج الدابة «الثورة»، إذن هى العودة للثورة، والتمسح بها، وتصوير المعركة كأنها ثورة أمام فلول، والحقيقة أن الحكاية كلها «إخوان» فقط وليس غيرهم.
إذن ما الحل الآن، الحل هو أن نجرى جميعا- وتيمنا بالإخوان أنفسهم- أن نجرى عملية ختان سياسى للإخوان، تقلل من حالة «الهياج السياسى» لديهم، وهذه العملية من أجل مصر، ومن أجل الثورة، فيجب أن يسقط «مرسى الإخوان» فى انتخابات الرئاسة من أجل مصر ذاتها.
لأننا فى لحظة فارقة من تاريخ مصر، فإما مصر التى نعرفها، وإما مصر التى لن نراها أبدا إلا من تحت «البرقع»، ويجب أن نسأل أنفسنا بصدق: كيف هانت مصر على كل القوى التى تدعى أن «مرسى» مرشح للثورة، هل تدركون ماذا سيفعل الإخوان بكم وبالثورة ومن قبلهم مصر؟، هل تدركون أن الإخوان لا يعرفون معنى مصر ولا ثورة ولا عهود ولا مواثيق ولا كلمات شرف، وأن الإخوان لا يعرفون من معانى كلمات اللغة إلا كلمة «الإخوان»؟، هل من أجل الثورة وما يسمى انتصارها تضيعون مصر كلها؟، فلو هانت عليكم الثورة ودماء الشهداء التى كان الإخوان أول من باعوها وباعوهم فيكف تهون عليكم مصر؟
أرجوكم وأرجو كل العقلاء من قوى الثورة، والقوى المدنية، وكل مواطن فى مصر أن يساعدنا فى إجراء هذا «الختان السياسى»، أرجوكم لا تعتقدوا أن «مرسى الإخوان» مرشح للثورة، أرجوكم لا تصدقوا أنه سيكون رئيسا لكل المصريين، لا تكونوا على درجة من السذاجة لتصدقوا أن المرشد سيكون مواطنا مصريا له رئيس اسمه «مرسى»، أتوسلكم لا تبيعوا مصر بثمن بخس، لا تجلعوا الإخوان يفضون بكارة مصر على سنة المرشد ورسله، أتوسلكم لا تجعلوا بلدا بحجم مصر يتقزم فتكون انتصاراته تقطيع أعضاء الرضيعات أو تزويج الصبايا الصغيرات طلبا للعفة، أرجوكم لا تضيعونا وتضيعوا الثورة وتضيعوا التاريخ وحتى الجغرافيا، أرجوكم لا تقسروا مصر على الزواج المحرم من الإخوان، لأن غاية وصفه لن يزيد على «الزنى»، أرجوكم لا تملكوا جسد مصر للإخوان فإنهم لن ينزلوا من فوق جسدها الطاهر إلا وهى هامدة وقد أخذ منها كل عابر منهم ما يريد، أتوسلكم فكروا حتى لو خسرنا قليلا مع أى مرشح، فإنا نستطيع اكتساب ما خسرناه، ولكن سيطرة الإخوان ليس يقوم عليها لا ثورة ولا براكين ولا أعاصير.
أتوسلكم أن مصر ما برح جسدها يرتاح من ثقل «مبارك»، فلا تجروها جبرا لاغتصاب «الجماعة»، وتذكروا أن الثورة لو انتصرت زيفا مع «مرسى» فإنها لن تنتصر على الثورة المضادة، ولكن ساعتها ستنتصر على مصر.
مصر امرأة فاتنة جميلة فلماذا يكون قدرها أن تتنقل دوما بين رجال السوء، سبحان الله وكأنه قدر كل الجميلات.
أنقذوا مصر من الإخوان، فالله ذاته لا يحبهم لأنه أخبرنا أنه لا يحب المنافقين.


موضوعات متعلقة:

◄ إسلام بحيرى يكتب: اذكروا إيران ذكرا كثيرا