اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 06:26 ص

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": البرلمان ولجنة الرئاسة

الأربعاء، 09 مايو 2012 07:46 ص


يطيب لى أن أذكّرك بتحذير سابق قلته قبل الثورة، وقلته بعد الثورة، وقلته قبل الانتخابات البرلمانية وبعدها، وأقوله الآن فى مناسبة الانتخابات الرئاسية، وفى أعقاب الاشتباك بالألفاظ، والصراع بالقوانين التفصيل بين الأغلبية البرلمانية، واللجنة العليا لانتخابات الرئاسة.

أذكّرك بهذا التحذير، لأننى ما زلت أؤمن بجديته وصلاحيته فى الظرف السياسى المصرى الآن، وفى المستقبل، قلت لك يا أخى إننا نرتكب خطأ جسيما بإسناد مهمة الإشراف على الانتخابات البرلمانية، أو الرئاسية، أو النقابية، أو انتخابات الأندية للمؤسسة القضائية.

ففى الوقت الذى نقول فيه علنا إننا نبتغى العدالة المطلقة، والنزاهة الحاسمة للإجراءات الانتخابية بوضعها تحت سلطة القضاء، نمارس طعنا سابقا ولاحقا لكل عمل يقوم به القضاة فى هذا الشأن، وبدلا من أن تتطهر الانتخابات بالقضاة، نلوّث نحن القضاة بانحطاط المنافسة الانتخابية، وبالصراعات تحت الحزام بين المرشحين، وبدلا من أن نقبل طوعا بكلمة القضاء، نرفع الأحذية عالية فى وجه كل لجنة قضائية لا تحقق ما تشتهيه الأنفس السياسية، وتقرّ به أعين الطامحين لكرسى تحت القبة، أو كرسى فى قصر الرئاسة.

لا أجادلك هنا فى عدالة أى لجنة قضائية، ولا أضع نفسى هنا محامياً عن لجنة المستشار عبدالمعز، أو لجنة المستشار فاروق سلطان، فللقضاء رب يحميه، ومكانة دستورية تحصنه الآن ولاحقا، ولكننى أدافع فقط عن المنطق الأهم فيما يتعلق بالفصل بين السلطات فى البناء الديمقراطى، وأدافع أيضاً عن مكانة المؤسسة القضائية فى ترسيخ الاستقرار السياسى فى البلاد، وأطالب بالبحث عن آلية جديدة للرقابة على الانتخابات فى مصر لحين استعادة مناخ الثقة من جديد، أما استمرارنا على هذا النحو من التراشق والاتهامات والضرب تحت الحزام، فلن يؤدى إلا إلى مزيد من الانهيار، فالمرشحون يوافقون على اللجنة القضائية حسب المنصوص عليه فى الإعلان الدستورى، ولا ينطقون بكلمة مادامت اللجنة تتعاطى إيجابيا مع أوراقهم، أما فى اللحظة التى تصدر فيها اللجنة قرارا يتعارض مع هواهم السياسى ومصلحتهم الانتخابية، تظهر فجأة ملفات الفساد والإفساد، وتطل علينا خناجر الطعن فى الذمم المالية والسياسية والقضائية، وتنطلق الأغلبية البرلمانية لتفصيل القوانين على مزاجها الخاص، لفرض تصوراتها على اللجنة، وتحصين مرشحيها بما يتوافق مع المصلحة الحزبية، ثم تقرر اللجنة الدخول فى الصراع، والدفاع عن نفسها أمام هذه المعارك السياسية الصغيرة.

لا يهمنى هنا شىء سوى نظرة المجتمع لهؤلاء القضاة بعد أن تنتهى المعارك الانتخابية، كيف يجلسون على منصات الحكم؟ وكيف يقضون بين الناس بالعدل؟ وكيف يحترم الناس أحكامهم بعد أن شاهدوا بأعينهم كيف تسحل السياسة منصة العدل؟ وكيف يتورط القضاة فى صراعات حزبية وتنظيمية وقانونية تسحق هيبتهم القانونية، وتلوث سمعة المحاكم التى يتولون إدارتها لتخسر مصر مكانة هذه المؤسسة الآن وفى المستقبل؟

لا بديل عن الفصل بين السلطات، ولا بديل عن ابتكار آلية جديدة للإشراف على الانتخابات.

ولا مستقبل لهذا البلد الذى تلوث فيه السياسة كل شىء، وأى شىء من حولنا.

مصر من وراء القصد.