اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 05:26 م

شكراً.. حافظ الميرازى

الإثنين، 09 أبريل 2012 04:10 م

الإعلام فى جميع بلاد الأرض منذ جوبلز داهية هتلر ومن قبله صار أداة فى يد الحكام والحكماء وحتى المجانين للتأثير على البشر سلبًا أحيانًا وإيجابًا فى أحيان أخرى، ومنذ ثورة يناير أكثر من أى وقت مضى صار الكلام والاتهام للإعلام وإلباسه كل الخطايا التى يعانى منها المصريون هو النغمة السائدة، وقد لا أختلف مع هؤلاء الذين يدينون كثيرًا من الإعلام، بل لدى ما هو أكثر، حيث إنى من أهل الدار، ولكنى قد أختلف مع المشيرين بأصابع الاتهام فى أن خطيئة الإعلام نتيجة، وليست الأصل فى الخطايا.
وفى مثل هذه الأوقات من عمر الأمة المصرية التى تعانى التشرذم والاستقطاب المقيت والصوت العالى ولخبطة المشاهد والقارئ.
أجدنى أقف احترامًا لنموذج إعلامى يصلح أن يكون مثلاً لكيفية وصف وظيفة الإعلام فى أى دولة، والأهم فى دولة قوامها كثير من الجهل وكثير من الكذب وكثير من الفهلوة، فعلى قناة دريم يقدم حافظ الميرازى برنامج «بتوقيت القاهرة» يومين أسبوعيّا منفردًا فى شكله ومضمونه.
بدايات البرنامج الذى بدأ بثه على دريم منذ شهور للحق لم تكن تحمل بصمات خاصة فكان يبدو كأى توك شو ليلى من تلك التى تترامى على المحطات، وقد هجرها غالبية الشعب كفرًا ورفضًا فى سماع أصوات ووجوه لنخبة كفر بها الشعب، ويبدو أن حافظ الميرازى قد أدرك هذا المعنى ولم تُعم بصيرته كإعلاميين آخرين مازالوا يتصورن أن المشاهدين يلتفون حولهم ويتغيرون ويغيرون بحركة من سبابة أيديهم.
أدرك حافظ الميرازى ذلك بوعى مسؤول وحرفى فأفسح المجال والضوء للناس ولأصحاب القضايا والشأن فى هذا المجتمع ليس من خلال تقارير مصورة، ولكن من خلال استضافتهم فى الاستوديو كصوت رئيسى فى معادلة الوطن، فقد استضاف مثلاً جمعًا من ضباط الشرطة المنادين بإنشاء نقابة لهم فى خطوة غير مسبوقة، وأفسح لهم المجال أمام قياداتهم وأدار الحديث بشكل يسمح للمشاهد بأن يفهم وينحاز أو يختلف، وهو نفس ما فعل حين استضاف المرشدين السياحيين فى حديث عن هموم السياحة التى يعيش عليها ملايين المصريين، ولو أن الميرازى استضاف كل وزراء السياحة على مدى عقود ما كان لنا كمشاهدين أن نعرف ونفهم همّ طائفة من مصر كما حدث فى حلقته الأخيرة.
حافظ الميرازى أدرك بوعى ومسؤولية أن أصحاب الهم هم أولى بشرحه من غيرهم فأفسح لهم المجال وأفسح المجال للمشاهد أن يفهم ويحترم ويشارك مشاكل جيرانه من أبناء الوطن.
ولو أدرك الإعلاميون ما أدركه حافظ الميرازى الذى منح البطولة لأهلها ربما هللت وبشرت بفجر جديد، ولكنى أرى الظلام كثيفًا رغم وجود بقعة ضوء بتوقيت القاهرة، فشكرًا.