اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-08

القاهره 10:36 ص

الدعاة إلى الله صناع الحياة الجميلة

الثلاثاء، 03 أبريل 2012 03:42 م

الدعوة إلى الله نفثة ربانية تنتقل من قلب الداعية الربانى إلى المدعووين فتزرع فيهم الحب والخير والبر والتبشير والتواصل والود وتنزع عنهم البغض والكراهية والتعسير والشقاق والنفاق، وإذا لم يكن لهذا الداعية رصيد من هذه المعانى النبيلة فى نفسه وعمله فكيف يسحب والرصيد خالٍ وكيف ينفق وجيوبه خاوية وخزائن فضائله فارغة، فالدعوة زكاة نصابها الصلاح والوعظ زكاة نصابها الاتعاظ.

والدعوة إلى الله مهمة الأنبياء والرسل الأولى والأساسية فإن النبى «صلى الله عليه وسلم» لم يورث ديناراً ولا درهماً ولا دنيا ولا قناعا، ولكنه ورّث دعوة تبلغ إلى الآفاق، والدعوة إلى الله هى أمران لا ثالث لهما وهما «الصدع بالحق والرحمة بالخلق»، فمن صدع بالحق ولم يرحم أو يلاطف الخلق فهو ليس بداعية على التحقيق ومن رحم الخلق ولم يصدع بالحق أو داهن وجامل الآخرين فهو ليس بداعية أيضا، فالداعية الذى لا يبلغ رسالة الله حقا ً أو يحرف فيها أو يغير من طبيعتها لم يدرك المعنى الكامل للدعوة.

والداعية الذى يعسر على الناس ما يسره الله عليهم أو يضيق ما وسعه الله عليهم أو يفرق ما اجتمع من شملهم، أو يهتم بسد الذرائع دون أن يهتم بفتحها، أو يهتم بالحق دون الجمال، أو بالحق دون صنع الخير، أو بقوامة الرجل على حساب حقوق المرأة فهو ليس بداعية أيضاً. والداعية الحقيقى هو الذى يدعو إلى الله ويدندن حول الشريعة ويدور حولها ولا يدور حول نفسه ولا يتحدث عن ذاته أو جماعته أو حزبه أكثر مما يتحدث عن ربه ومولاه ودينه وشريعته الغراء، فمن تحدث عن نفسه طويلاً فهو ليس بداعية إلى الله ومن تحدث عن عصبته أو جماعته أو حزبه أكثر مما يتحدث عن ربه فهو ليس بداعية إلى الله أيضا. والإسلام دين ديناميكى يتفاعل مع الآخرين يأخذ منهم ويعطى ويتعامل مع الصغير والكبير والصالح والطالح والمسلم وغير المسلم والرجل والمرأة والشاب والهرم، وأى داعية لا يتفاعل مع شرائح الناس جميعاً لا يصلح للدعوة فمن حجز نفسه عن الآخرين بحجة أنهم ليسوا مسلمين أو طائعين أو ليسوا من أتباعه فليس بداعية على الحقيقة، فالداعية هو للناس جميعاً لا يحجز خيره ولا يمنع رفده عن أحد.

والدعوة هى رسالة حب إلى الخلائق وأى داعية يكره الناس ولا يحبهم أو يحب تصنيفهم أو لا يرى إلا السوء فى الآخرين لا يصلح كداعية وإذا لم يحب الداعية الناس لم يحبه الناس، وإذا لم يقبل عليهم لم يقبلوا عليه، وإذا لم يعطف عليهم لم ينصروه، وقد كتبت رسالة قديمة فى الدعوة أسميتها «طبطب على الناس» لأن الدعوة إلى الله هى فى مضمونها الأسمى رسالة حب ورحمة وعطف وود للناس جميعاً تريد خيرهم وبرهم وصلاحهم فى الدارين معاً. فهل نكون من الدعاة إلى الله؟ أم من الدعاة لأشخاصهم وذواتهم وأحزابهم؟.