اغلق القائمة

الأحد 2024-05-05

القاهره 04:50 ص

عمرو خالد يحارب عدوَّ مصرَ الأول

الثلاثاء، 24 أبريل 2012 04:33 م

«قيادةُ شعبٍ جاهل أسلَس»، هكذا صرّح أحدُ أبناء محمد على باشا الكبير، وهو يُغلق الجامعات والمدارس التى افتتحها أبوه المثقف، «عزيز مصر» الألبانى بانى مصر الحديثة، الذى حكمها 43 عامًا بين 1805-1848، فأثبت عمليّا أنه أحبَّها أكثر مما فعل لاحقوه من حكّام مصر، رغم أنهم مصريون، وهو لم يكن مصريّا! وصدقتِ العبارةُ كلَّ الصدق، فليس أسهل على طاغية من قمع شعب جاهل مُغيَّب لا يعرف حقوقه، فيقنعه الحاكمُ بأنه يعرفُ ما يجهل المحكومُ، ومن ثم فقد انتخبه اللهُ لحُكم شعبه وسَوْسه، وإذا رددنا المفردةَ الأخيرةَ إلى جذرها اللغوى: ساس، أى قاد، ومنها كلمة: سائس، الذى يقود الجياد، وسياسىّ: الذى يقود الشعوب.
وتكلم المثقفون كثيرًا عن «العدوان الثلاثى» على مصر: الفقر، الجهل، المرض.. على أننى أرى إمكانية اختصارهم فى عدوّ واحد يجُبُّ ثلاثتَهم.. الجهل، الجهلُ جالبٌ الفقرَ، وجالبٌ المرضَ، بل هو جالبٌ عدم النظافة والعنفَ والازدواجية والكسلَ والتواكل والأنامالية «أنا مالى؟!»، وكذا هو جالبٌ الحاكم الفاشىّ، وجالبٌ السلبيةَ والانصياعَ.. والأخطر أنه جالبٌ فقر التواصل الصحىّ مع الله الخالق.. لأن الجهل يُعوّقُ الإنسانَ عن إدراك فكرة الخلق وما يريده منّا اللهُ على الأرض، ولذلك تجد السائق ينصتُ إلى القرآن فى سيارته ثم يسرق الزبون أو يكسر الإشارة ويرشو رجل المرور أو يسب الدين أو يدهس طفلاً ثم يولى الأدبار! وتجد ربّة منزل تشاهد القنوات الدينية وتذهب إلى دروس تحفيظ القرآن ثم تغتاب جارتها وتُلقى القمامة من الشباك! الجهل جعلنا نقول «نعم» فى استفتاء 19 مارس حين صدّقنا كَذَبَةً أوهمونا أنها «نعم» للدين! ثم عادوا فندموا على ما قالوا وما صدّقنا، الجهلُ جعلنا نوافق أن نؤجل الدستور لعام وربع بعد الثورة، عكس كل ثورات العالم! الجهلُ عدوّ الشعوب وصديق الطغاة والرجعية. لذا علينا جميعًا، نحن المصريين، كفرض عين، لا فرضَ كفاية، التصدى لذلك العدو الذى يستهدف مصرَ منذ نصف قرن، فنضربه ضربة رجل واحد بيد من حديد وإرادة وعلمٍ وحبّ لهذا الوطن الطيب: مصر.
لهذا نشدُّ على يد الداعية الإسلامىّ، والوطنىّ المثقف، عمرو خالد الذى بدأ التحرّك العملى نحو محاربة عدو مصر، بعدما اكتشفَ أن مصر تأتى فى قائمة أسوأ 9 دول فى العالم بالنسبة للقراءة والكتابة، وفقًا للإحصاءات العالمية. تبنّى د.عمرو مشروعًا أسماه: «العلمُ قوةٌ». وتحمست مؤسسة فودافون للمشاركة مع مؤسسة «صُنّاع الحياة»، التابعة لعمرو خالد، بالاتفاق مع مؤسسة اليونسكو، وبرعاية إعلامية من جريدة «اليوم السابع»، ليبدأوا معًا مشروعهم القومى الضخم لمحو الأمية فى مصر خلال خمس سنوات، رصدت فودافون ميزانية تجاوزت 20 مليون جنيه للمرحلة الأولى لمبادرة محو الأمية، وأنفقت 180 مليون جنيه فى مشروعات خدمية فى قطاعات التعليم والصحة وتنمية المجتمع.
وهو ما نرجو أن يتحمّس له رجال الأعمال ليقدموا يدًا بيضاء لمصر، ما أحوجها إليها الآن، ودائمًا.. بل نتجاوز ونقول إن مشروعًا كهذا يجب أن يكون شاغلنا الأهلىَّ المُلِحَّ، كما فعل أجدادُنا أوائل القرن الماضى فشيّدوا جامعة «فؤاد الأول»، جامعة القاهرة الحالية، بجهود وتمويل من كل شعب مصر.. نأمل أن يكون ذاك المشروع فرضَ عين، نتشارك فيه جميعا ليقدّمَ كلٌّ يده لكيلا يخبو ولا يخمد قبل أن نحقق حلم الاحتفال بآخر مواطن أمى على أرض مصر، كما فعلت دولُ النمور الصغيرة الشرق آسيوية قبل عقود.
علّ المبادرةَ امتدادٌ لحلم د.طه حسين: «التعليم حقٌّ لكل إنسان كالماء والهواء»، ولكن حكّامًا وحكوماتٍ رأوا تعليم المواطنين ضدّا لمناصبهم، فأجهضوا المشروع. يحلمُ عمرو خالد، ونحلمُ معه، أن يأتى اليومُ الذى يذهب فيه الشبابُ المصرى ليحكى للعالــم «التجربة المصرية لمحو الأميّة».. يا ربّ امنحنا وعدًا بقرب ذلك اليوم.. آمين.