اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 02:23 ص

النتيجة محسومة

الخميس، 19 أبريل 2012 08:00 ص

أمس أقرت اللجنة التشريعية بمجلس الشعب مشروعا جديدا لقانون العفو الشامل عن الجرائم السياسية التى صدرت بشأنها أحكام فى عهد الرئيس السابق مبارك. وأحسب أن هذا القانون جاء متأخرا، كعادة الأشياء فى مصر، فما كان ينبغى أن تقوم ثورة وتبقى هذه التشوهات قائمة ومستمرة، ومحلا للجدل والتأويل!!

القانون الجديد هو نسخة طبق الأصل من قانون قديم صدر عام 1952 ليعفو عن جميع الجرائم ذات الباعث السياسى او التى لفقت لأسباب سياسية منذ عام 1936، وحتى ثورة 1952، وفوض القانون النائب العام فى إصدار قائمة بمن ينطبق عليهم هذا العفو الشامل وأعطى شهرا للتظلم من قرار النائب العام أمام دوائر محكمة النقض.

هذا القانون الذى جاء متأخرا هو خطوة هامة ليس فقط لإنصاف من ظلمتهم لجنة الانتخابات الرئاسية بقرارها الأخير المخالف لأحكام الدستور والقانون، بل أيضا من أجل إنصاف عشرات الأسماء التى مازالت تعانى من آثار أمن الدولة وقدرتها النافذة فى تلفيق قضايا لخصوم النظام السابق.

الظلم من حكم البشر قد يستمر عاما أو عشرات الأعوام لكن عدل الله دائما قادم، فما أظلم البشر وما أعدل السماء.. والتاريخ.

منذ 112 عاماً، وتحديداً فى 4 يوليو 1899، حكمت محكمة مدينة «رن» الفرنسية، على الضابط الفرنسى «دريفوسل» حكماً سُمى «جنائياً»، بالإدانة وبالسجن، بينما حكمت له الدنيا بالبراءة، وتبنى «أميل زولا» قضيته حتى عادت محكمة النقض الفرنسية فى 12 يوليو 1906، وقبلت التماس إعادة النظر، بعد سنوات من ظلمه، واحتفلت فرنسا، وكل أحرار العالم، بهذا الحكم، الذى صدر باسم وضمير الشعب!!

لقد صدر حكم بإحراق «جان دارك» ظلماً، وعسفاً، فلم تهدأ نفوس الناس، لمدة قرنين حتى أعيد لها اعتبارها، بل نصبتها الكنيسة قديسة!! ولم تزل البشرية حتى اليوم تعيد محاكمة «سقراط»، لعلها تزيل عن نفسها، وصمة عار إعدامه، رغم مرور آلاف السنين!!

أتذكر – أيضاً – ذلك الحكم، الذى صدر ضد رجب طيب أردوغان، فى 3 نوفمبر 2003، وقضى الحكم بعزل أردوغان سياسياً، ومنعه من الترشح بسبب حكم جنائى صادر ضده، قضى بسجنه من عام 2001 إلى 2002، وتصور وقتها الرئيس «سيزر» أنه أبعد أردوغان للأبد!! ولم تمض إلا شهور قليلة، وعاد أردوغان واختفى سيزر!!

وبعد خروج «نيلسون مانديلا» من سجنه الطويل، تعرض للمنع من تولى مسؤوليات رسمية، بدعوى أنه كان محكوماً عليه فى قضايا جنائية، وبعد شهور قليلة ألغى أثر هذا الحكم على مانديلا ورفاقه، واسترد حقوقه، احتراماً لإرادة الناس!!

وفى مصر تعرض عدد كبير من الساسة، والرموز، للعزل السياسى، فى مقدمتهم «ملاك الوطنية المصرية» الزعيم مصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين، وإبراهيم فرج، وعبدالفتاح حسن، وغيرهم ممن سقط عنهم العزل فى عهد السادات، الذى عزل – أيضاً – ضياء الدين داود، وفريد عبدالكريم، وغيرهما ممن صدرت ضدهم أحكام فى مايو 1971، وعادوا لممارسة دورهم وحقوقهم فى عهد مبارك.

ربما الأمر الغريب فى محاولة عزلى، وإقصائى أنها باتت عابرة للعصور، والعهود، فقد اتُخذ هذا القرار فى عصر مبارك، وذهب مبارك، ومازال القرار باقياً!! قامت الثورة، وشاركت فيها – قبل وأثناء وبعد قيامها – لكن الثورة لم تصل آثارها لى بعد!!

أؤمن أكثر من أى وقت مضى، بأن الحرية، تؤخذ، ولا تُعطى!! إننا.. يوماً نكسب، ويوماً نخسر، يوماً نتقدم، ويوماً نتأخر، يوماً نحتل إحدى القلاع، ويوما نجلو عن قلعة من قلاع الحرية، ليحتلها الظلم والاستبداد!! إننا لا نتراجع، لكن الاستبداد هو الذى يتقدم، إننا لم نُهزم، لكن الظلم هو الذى يكسب وقتاً، يكسب جولة، لكن نتيجة المعركة محسومة!! ألم يقل رب العزة «وبشر الصابرين»؟.