اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 11:56 ص

لحية الضباط ومساكن الأقباط

الثلاثاء، 06 مارس 2012 08:17 ص

قرارات غريبة يصدرها بعض المسؤولين، تدعو للدهشة والأسى وتشير لحجم الخلل فى ترتيب الأولويات..

لا أفهم - مثلاً - مبرراً مقبولاً لمحافظ القاهرة ليترك كل الخروقات للقانون التى تمتد بطول وعرض القاهرة، وينشغل كل هذا الانشغال بهدم 60 منزلاً للأقباط بمنطقة المنشية التى تعج بعشرات الآلاف من الحالات المشابهة.

ما يجعل هذا القرار مشبوهاً أن يختار متخذو القرار يوم ذكرى أحداث المقطم لتنفيذ هذا القرار كأننا نبحث عن أسباب إضافية لتفجير جديد لعلاقات مأزومة وملغومة.
البعض يذهب أن الهدف هو البحث عن حادثة جديدة لإلهاء الرأى العام عن واقعة هروب الأمريكان.

ولا أفهم أيضاً معنى الكتاب الدورى الذى أصدره وزير الداخلية، برقم 3 لسنة 2012 بشأن ضرورة قيام ضباط الشرطة بحلق ذقونهم يومياً!! وكأن إعادة هيكلة جهاز الشرطة، لا يعرقلها سوى 19 ذقنا طويلة أو قصيرة!!

لا أفهم سر إلهاء الرأى العام، بهذه الصغائر التى ينشغل بها بعض المسؤولين عن الأمور الجوهرية التى يناط بهم مهمة القيام بها بوصفها أولوية قبل غيرها من الأمور الثانوية.
أظن أن محافظ القاهرة الذى أحترمه وأقدره، يعرف حجم الخروقات والمخالفات بمحافظة القاهرة وحجم المناطق العشوائية التى تحاصرها، ولا يمكن أن يكون قراره بهدم 60 منزلاً فى منطقة المنشية هو البداية الصحيحة لإصلاح العطب فى الرقابة والمتابعة الذى استمر سنوات، ولا يمكن أن يكون الاختيار الأصوب هو هدم منطقة بعينها لا يقطنها غير الأقباط.
وأظن أن السيد وزير الداخلية محمد إبراهيم يعلم أن وقف 19 ضابطاً لم يحلقوا لحاهم ليس أهم من موقف الضباط المتهمين بقتل الثوار أو بالتعذيب أو الفساد، وهم وفقاً للقوائم السوداء مئات فى المواقع القيادية بالوزارة وبعضهم من رجال العادلى والشاعر وفايد وغيرهم.

لا أظن أن وزير الداخلية لا يعلم أن قراره يتعارض مع نص المادة رقم 8 من الإعلان الدستورى الحالى التى تكفل الحرية الشخصية كونها حقاً طبيعياً لا يمس، وأظنه يعلم أن قراره لا يتساند على أى نص فى قانون قائم، ومن بينها قانون الشرطة ذاته.

حديث وزير الداخلية عن نص المادة رقم 41 من قانون الشرطة التى تلزم العاملين فى هذه الهيئة المدنية، بالحفاظ على كرامة الوظيفة، لا يمكن اعتباره مبرراً لفصل أو وقف ضابط لأنه لم يلحق لحيته، فكرامة الشرطة فى جوهر دورها والتزامها بالقيام بمهامها وليس بذقن العاملين فيها.

بعض هذه القرارات الغريبة ربما لم تكن تدهشنى أو تحملنى على رفضها لو جاءت فى وقت مختلف أو فى سياق مختلف!! لكن الآن تحديداً وفى هذا التوقيت لابد أن نسأل عن الأولويات المختلة.. ونشير بأصبع الاتهام للإصرار على أن ننهمك فى الأمور الثانوية التى ما كان ينبغى أن تشغلنا عن الأمور الأساسية والمهام الأهم والأكبر.

وبمناسبة اللحية، واعتبارها أحد صور الإخلال بكرامة الشرطة، أذكر أنى فى كل البلدان التى زرتها فى حياتى، شرقاً وغرباً، إسلامية وغير إسلامية، وجدت ضباطاً ملتحين وغير ملتحين، ولم أشعر أن تقييمى وتقديرى للشرطة فى هذه البلدان تأثر إلا وفقاً لمدى التزامها بالقانون والحريات.. فهذه هى الكرامة التى يجب أن ينشغل بها المسؤولون.