اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 05:01 م

غربة الإخوان

الثلاثاء، 27 مارس 2012 07:53 ص

الإخوان فى أزمة، والمشهد السياسى الحالى يقول إن الجماعة وحزبها يقفان الآن وحدهما غريبان فى مواجهة باقى القوى السياسية والثورية والمجلس العسكرى والمحكمة الدستورية وحتى فى مواجهة السلفيين، فالإخوان قرروا الانقلاب على الجميع والبقاء وحدهم، واتبعوا سياسة حرق المراحل فى اللعبة السياسية، مثلما فعل الحزب الوطنى فى آخر أيامه قبل ثورة يناير عندما أطلق رئيسه المخلوع قبل أيام من الثورة على البرلمان الموازى للقوى السياسية قولته الشهيرة «خليهم يتسلوا» وكانت هى كلمات الديكتاتور الأخيرة.

وأخشى أن يكرر قادة الإخوان نفس الكلمات بعد أن قررت القوى اليسارية والليبرالية والثورية تشكيل جمعية تأسيسية موازية لوضع الدستور بعد أزمة تشكيل جمعية البرلمان وانسحاب عدد كبير من أعضائها، احتجاجا على استحواذ الإسلاميين، خاصة الإخوان عليها، واستبعاد شخصيات عامة ورجال القانون الدستورى المشهود لهم بالكفاءة والخبرة منها وضعف تمثيل المرأة والأقباط فيها.

واقع الحال يقول إن الجماعة تعيش حاليا بيديها لا بيدى أحد غيرها «غربة سياسية» بسبب عنادها وسعيها نحو الاستحواذ و«التكويش» السياسى واحتكار عملية التحول السياسى والديمقراطى فى مصر ومصادرة المستقبل أمام باقى القوى الأخرى، والغربة قد تزيد وتتسع وتطول أيامها حتى تصل إلى نهايتها الحتمية فى حالة إصرار الإخوان على العناد وعدم التريث والتروى والرجوع عن طريق هوس السلطة وشهوة الاحتكار والإقصاء، والعودة إلى سياسة المشاركة فى الحمل الوطنى العام، كما أعلنوا قبل وصولهم إلى أغلبية مقاعد البرلمان، واندفاعهم السريع إلى إعداد التشريعات ومشروعات القوانين فى جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر بعيدا عن باقى القوى الفاعلة فى المجتمع.

الأزمة قد تتصاعد وتصل إلى طريق مسدود وإلى محنة ونهاية لا نتمناها إذا لم يتم تغليب المصلحة العامة للوطن على المصلحة الحزبية والعودة إلى التوافق لا إلى التصادم، فالمرحلة الانتقالية لا تتحمل مزيدا من الأزمات والتعقيد، ولا ينبغى على الإخوان فى هذا الظرف التاريخى أن يكونوا المتسببين فيها، وهم أول من عانوا من ويلات الصدام والخسارة والغربة أيضا، وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية –إذا أرادوا- للعبور من نفق الأزمة الطاحنة المنتظرة سواء مع القوى السياسية والثورية أو مع السلطة القضائية والسلطة العسكرية.