اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 03:49 م

مجلس الثورة ومصر جديدة

الثلاثاء، 13 مارس 2012 07:55 ص

لماذا الدعوة لمجلس الثورة؟! ببساطة لأن مصر تريد حلاً
كل يوم يزداد يقينى بأهمية هذا الكيان لإنقاذ الثورة، وصولاً لمصر جديدة.

ماذا يفعل ذلك الجيل الذى تابع فى التسعينيات ثورات أوروبا الشرقية، وتابع- وهو يافع- سقوط طغاة بحجم الرئيس الصربى «ميلوسوفيتش» وصعود نجوم فى شعبية «ليش فاليسا» و«فاسيلاف هافل» وسيدات مثل «ميجاواتى سوكارنو بورتى» فى إندونيسيا، و«كورى أكينو» فى الفلبين.

وها هو نفس الجيل فى شبابه شاهد فى مطلع ومنتصف 2004- 2005 اشتعال الثورة البرتقالية فى أوكرانيا ولبنان، وسقوط رموز الاستبداد والفساد عبر صناديق انتخاب كانت ستنتج سنوات جديدة من الاستبداد، لولا ذلك الضغط الشعبى والجماهيرى الذى استطاع أن يحمى هذه الصناديق، ويصون إرادة التغيير من ألاعيب التزوير التى كادت أن تغتال أمل جيل من الشباب الأوكرانى، الذى خرج إلى الشوارع والميادين رافعاً شعار ولون الثورة السلمى التى أعادت واستردت قيم التغيير عبر صناديق الانتخابات وتفرضها بعيداً عن الصناديق وإرادة الجماهير.

إننا نتحدث عن جيل لن يرضى إلا بمصر «الجديدة»، التى تواكب عالماً جديداً، ننظر إليه بحسرة وأسى.. مصر لم تكن أبداً جزيرة منعزلة عن العالم، بعيدة عما يحدث فيه من مد وجزر لحقوق وحريات، من نهوض لقيم حية.. وسقوط لقيود بالية لم تعد تحتملها معاصم الشعوب، والتى دفعت ثمناً للقيد والاستبداد، ودفعت بالثورة ثمناً حقيقاً للخلاص منهما.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يجدد شبابها، يخلصها من أسر نظام الرجل الواحد ويرد لها حقها فى أن تختار فى ظل انتخابات حرة متكافئة فى الفرص، وشفافة النتائج، لا يُحال فيها دون حق الترشيح وحق الانتخاب لكل مصرى.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يخلصها من شيخوختها، ومن تلك السلطة الأبوية، والقيادة التاريخية، ويسمح لها بسلطات متوازنة، وصلاحيات متساوية، بين سلطة الحكم وسلطة التشريع والرقابة وسلطة القضاء.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يخلصها من عقدة التغيير الصفرى، الذى عشنا ومازلنا نعيش فيه، حيث تبدأ الأمور وتنتهى عند نقطة الصفر دائماً فمع كل تغيير يطول انتظاره نكتشف أننا عند نقطة الصفر ولكن للصبر حدود.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يجدد العقد بين الحاكم والمحكوم فى مصر جديدة، حكامها لا يستخفون بشعوبهم وبأوطانهم. بل يحترمون هذا الصبر، ويدركون أن صبر هذه الشعوب المقهورة مهما طال فله حدود.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يخلصها من شيخوخة مزمنة أصابت أركان الوطن، وتسيبت بفعلها مفاصله وعضلاته، وتجمدت دماؤه فى شرايينه المسدودة، فأصبح الملل والبطء والجمود هو السمة الغالبة على كل قرار أو فعل أو رد فعل، والصمت وسماكة الجلد هو الحل فى مواجهة أى أزمة.

مصر «الجديدة» تريد حلاً يخلصها من العناد، والذى تزايدت حدته فى ريع قرن مضى، وكأن العناد شخصياً هو الحاكم الناهى والآمر فى كل شؤون هذا الوطن وسبب شجونه.. فما يريده الناس مرفوض، وما يرفضونه مفروض.

مصر «الجديدة» تريد حلاً وخلاصاً من حالة العجرفة التى طالت كل رموز الحكم المسنة القديمة، وكذلك الأشبال، الذين شبوا على قناعات خاطئة، وعادات متعالية.. فهم لا يرون أن هناك قيمة لأحد غيرهم، وأنهم أكفأ من أنجب الوطن. بينما الحقيقة أنهم صنيعة الإعلام.

مصر «الجديدة» تريد حلاً بعيداً عن شبح العنف والدم..حلاً عاقلاً فى زمن لا يقبل بالجنون..حلاً سلساً مرناً، عبر القنوات الطبيعية للحل والتغيير، بعيداً عن رياح إسرافيل أو شبح عزرائيل.. مصر تريد أن ترى يوما على أرضها رئيساً سابقاً -على قيد الحياة- يمشى على قدميه!! ورئيساً حالياً يؤمن بأنه إنسان وليس نصف إله.

مصر «الجديدة» وطن- غير استثنائى، لا تعرف حكاماً ولا حكومات أبدية.. ولا جمهوريات وراثية «جملوكية»، ولا عروش مسنة، مسنونة علينا فقط.

مصر «الجديدة» وطن، لن نقول يجب أن يكون وطناً حراً مثل أمريكا أو أوروبا- ونحن نستحق أن نكون- لكننا نقول وطن طبيعى مثل تركيا وإيران، مثل المغرب ولبنان، مثل كوستاريكا ونيكارجوا، مثل قبرص واليونان، مثل ماليزيا وفنزويلا، بل مثل كينيا وجنوب أفريقيا والسنغال.. فقط وطن حر.

مصر «الجديدة» بلد لا ينتخب فيه رئيس الجمهورية فى انتخابات اليوم الواحد، دون أن يكون لنا حق الطعن إلا أمام نفس اللجنة التى ترصد أرقاماً وتعلن غيرها، وتغير ترتيب المرشحين ورموزهم وفقاً لهوى الرئيس المرشح.

مصر «الجديدة» بلد يعيش فيه المعارض بأمان.. فلا تغتال سمعته، ولا تلفق له القضايا لتقييد حريته.. وطن لا تحاصر فيه الأحزاب، وتحاط بالمؤامرات.

هذه هى مصر التى يريدها جيل جديد، أدرك بحسه الفطرى ما قاله «عبد الرحمن الكواكبى» فى كتابه «طبائع الاستبداد»:

«إن مبعث الاستبداد هو غفلة الأمة».

إننا نؤكد أن مصر التى احتفت بأصوات هذا الشباب وهو يهتف باسمها، تنتظر صوته وهو يهتف بحريتها، فى مواجهة نظام صادر ماضيه ويهدد مستقبله.

إن الأصوات الشابة التى قادت الثورة وأسست مؤخراً مجلساً للثورة، قادرة على أن تضم الصفوف، وتوحد الجهود، من أجل إصلاح حقيقى يمحو عن وجه مصر عار الاستكانة والتفريط، والاستهانة بقيمتنا وسط الأمم.