اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 02:44 م

مسيحى فوق منبر الأزهر

السبت، 29 ديسمبر 2012 10:20 ص

أحيانا يحتاج بعض الجهلة ودعاة الفتنة وتقسيم أبناء الوطن الواحد إلى تذكيرهم بالتاريخ الوطنى للمصريين الذى لم يقرأوه ولا يعرفون عنه شيئا ليدركوا أن آراءهم وفتاواهم الكريهة مجرد زبد يذهب جفاء وقشور تتلاشى سريعا وفقاعات هواء لا قيمة ولا وزن لها.

لكن ماذا نقول لأصحاب الفتاوى المقيتة المثيرة للفتن مثل فتوى «تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم ومناسباتهم الدينية» التى هى عيد لكل المصريين من المسلمين والمسيحيين، يتبادلون فيها التهنئة من منطق الأخوة والمشاركة بين أبناء الوطن الواحد منذ دخول الإسلام إلى مصر.

ونحمد الله أن أمثال هؤلاء لم يكن لهم وجود أو ذكر فى مراحل النضال الوطنى والثورات المصرية العظيمة والحروب التى خاضتها مصر بأبنائها وأريقت فيها دماؤهم من أجل حرية واستقلال هذا الوطن ولم يفرق الاحتلال والعدوان فيها بين دم المصرى المسيحى أو المصرى المسلم، وإلا كانوا أداة طيعة فى يد المحتل لبث الفرقة بين المصريين.

أمثال هؤلاء لا يعرفون طبيعة الشعب المصرى بثقافته وحضارته ولا أظن أنهم ينتمون فكريا إلى ثقافة وحضارة هذا الشعب، وإلا ما أصدروا مثل تلك الفتاوى المنبوذة التى تليق بثقافات صحراوية أخرى، لو ظهر هؤلاء أثناء ثورة 19 مثلا لفرقوا بين المصريين ونفذوا سياسة «فرق تسد» وهى سياسة الاحتلال الإنجليزى واللورد كرومر لإجهاض الثورة وأصدروا فتاواهم بتحريم وقوف القمص سيرجيوس خطيب الثورة على منبر الأزهر لدعوة المصريين لمقاومة الاحتلال فى تلك الفترة المجيدة من تاريخ مصر.

القمص سرجيوس هو أول رجل دين مسيحى يقف فوق منبر الأزهر الشريف ينادى بالوحدة الوطنية ومقاومة الإنجليز الذين طاردوه وحاولوا التخلص منه لكنه ظل صامدا يخطب من فوق منبر الأزهر لثلاثة شهور متواصلة مع الشيخ محمود أبوالعبر والشيخ حسن القاياتى معلنا من فوق المنبر «أنه مصرى أولاً ومصرى ثانيًا ومصرى ثالثًا، ولا فرق بين مسلم وقبطى فالكل يجاهد لأجل الوطن»، ولم يكتف القمص سيرجيوس بالأزهر فقط بل خطب للجهاد ومقاومة المحتل من فوق منابر مساجد القاهرة مع الشيخ القاياتى مما دفع الإنجليز إلى نفيهما سويا إلى سيناء، وبعد عودتهما من المنفى ظل سيرجيوس يخطب فى المساجد والكنائس والأندية وفى الشوارع والميادين. وعند موته فى عام 46 خرج المصريون جميعا يحملون نعشه على الأعناق تأكيدا على وحدتهم فى مواجه الإنجليز.

من يجمعه عشق الوطن من المستحيل أن تفرقه الأديان، وهذا ما لا يدركه دعاة الفتنة، وخالص التهنئة للإخوة الأقباط فى عيد الميلاد المجيد.