اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 07:47 م

من يحمى دولة «الميليشيات»؟

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012 09:42 ص

مصر تتأرجح الآن بين دولة القانون الذى وعد الرئيس مرسى بالحفاظ عليها وبين دولة الميليشيات التى تبدو من خلال الشواهد الحالية فى الشارع المصرى أن هناك من يغض الطرف عن ممارساتها الإرهابية ضد مؤسسات الدولة وضد الصحف ووسائل الإعلام والأحزاب والقوى السياسية، بل إن الشكوك تسير فى اتجاه أن قوى خفية عليا تحمى هذه الميليشيات التى أصبحت تنتمى لأشخاص معروفين فى المجتمع والتى لا تجيد سوى لغة التهديد والوعيد والمحاصرة وحرق مقرات الصحف ضد من يعارضها فى الرأى تحت شعار «حماية شرعية الرئيس وحماية الشريعة».

ما يحدث ليس له مسمى سوى أنه محاولة فرض شريعة الفوضى والغاب من أفراد وجماعات لم تعتد فى سلوكها وتفكيرها ممارسة ثقافة الحوار مع الآخر التى تعتبره «شيطان» و«كافر» تحت سمع وبصر الدولة الجديدة ورئيسها الذى عليه أن يدرك أن الصمت على هذه الميليشيات ومن يحرضها ويقودها، هو بداية التآكل فى شرعيته وتهديد واضح لدولة القانون الذى وعد بها.

بل وإن الصمت والسكوت على ما يحدث من حصار للمحكمة الدستورية ومنع رئيسها من دخولها ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى وحرق مقر صحيفة الوفد وتهديد باقى الصحف الخاصة ومحاولة التحرش بالتيار الشعبى من جماعات معروفة، يستوجب مساءلة من يتخاذل فى ردعها ومواجهتها بالحسم وبقوة القانون للحفاظ على ما تبقى من هيبة الدولة والشرعية المتآكلة، والمسؤولية الأولى هنا تقع على الرئيس نفسه الذى عليه أن يعى أن الشرعية هى فى اتخاذ قرارات يتوافق عليها كل أطياف الشعب وليس قرارات لصالح جماعة أو تيار واحد ينتمى إليه الرئيس الذى من المفترض أنه جاء بالانتخاب المباشر كرئيس لكل المصريين، وعليه أن يدرك أيضا أن الحاكم القوى هو الذى ينصاع لإرادة شعبه، ولا يسلك طريق العناد معهم.

وقد يخرج علينا من يتهمنا بأننا ننحاز فقط ضد من ينتمى لتيار الإسلام السياسى بتنوعاته وضد ممارساتهم الخارجة على القانون، ونقول إننا ضد استخدام لغة العنف والدم والحصار والحرق من أى طرف، وندين ما حدث ضد الشيخ المحلاوى فى الإسكندرية أو ضد حرق مقرات الإخوان لأنه عمل يتنافى وما نطالب به من إرساء دولة الديمقراطية واستعمال لغة الحوار والانفتاح على جميع القوى السياسية، بشرط نزع فتيل الأزمات المتلاحقة والبعد عن خطاب الوعيد والتهديد من نوعية «إعلان الجهاد» و«ساعة الصفر» أو إقحام الدعاة وخطباء المساجد فى أمور السياسة الخلافية.