اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-08

القاهره 05:11 ص

الوجه الآخر لحصار الشيخ المحلاوى

الأحد، 16 ديسمبر 2012 11:54 ص

لا أحد يمكنه أن يفخر أو يفرح بما حدث فى الإسكندرية ليلة الجمعة، لا إخوان ولا سلفيين ولا ليبراليين ولا يساريين ولا مسيحيين ولا حتى أولئك «اللى ملهمش فيها» وهل يفرح العقلاء حينما يقتتل أبناء الوطن الواحد وتسيل دماؤهم على الأرض تحمل أوجاعهم وآمالهم وأحلامهم؟، هل يفرح العقلاء بأن يكتب التاريخ أن يوما ما مشؤوما شهد حصارا لمسجد داخل أرض مصر؟، لا أحد فى مصر يشعر بالفرحة حتى هؤلاء الذين جروا المساجد إلى منطقة ألاعيب السياسية وحولوها من دور عبادة إلى أدوات سياسية تمنحهم أصواتا أكثر فى صناديق الانتخابات ويرهبون بمنابرها خصومها السياسيين لا يمكن أن يكون قد فرحوا بمشهد حصار المسجد والاقتتال والإرهاب الأهلى أمام ساحته المقدسة.

الاعتداء على أى إنسان جريمة، واعتداء مواطن مصرى على أخيه الذى يحمل معه إرث مبارك من الهم والفساد والفقر جريمة أكبر، وحصار الشيخ المحلاوى صاحب التسعين عاما داخل المسجد وتعرض بيت الله لمقذوفات الحجارة وغيرها خطيئة إنسانية قبل أن تكون سياسية بغض النظر عن نوع وشكل الاستفزاز الذى أنتجه الشيخ المحلاوى بكلامه وفتواه حول الاستفتاء على الدستور.

أنا أفهم أن يعترض المصلون أو المواطنون على الشيخ المحلاوى ويعلو صوتهم بالنقد له حينما يخبرهم أن من يصوت بنعم مصيره الجنة ومن يقول لا للدستور مصيره النار، وأفهم أن فعل تحويل الاستفتاء على الدستور إلى لعبة دينية فيها الكافر وفيها المؤمن ينتج عنه رد فعل أكثر شراسة لأن أهل مصر لا يحبون أن يطعنهم أحد فى دينهم، ويمكن أن أفهم أن يطالب أحدهم بمنع الشيخ -سواء المحلاوى أو غيره- من الخطابة فى المسجد لأنه لوث منبر الرسول الشريف بمصالح السياسة وأغراضها، ولكن لا أفهم ولا أغفر أبدا فكرة حصار بيت من بيوت الله والاقتتال فى حرمه حتى ولو كان بداخله بلطجية وليس مصلون أو شيوخ.

وفى نفس الوقت لا يمكن أن أغفر للتيارات الإسلامية والإخوان والسلفيين أنهم غضبوا بهذا الشكل العظيم بسبب حصار الشيخ المحلاوى داخل المسجد بينما لم يتفوه أحدهم بكلمة أو بهتاف أو حتى بدمعة أو دعاء حينما اقتحمت قوات الشرطة العسكرية مسجد عمر مكرم ودخلوها بالأحذية من أجل القبض على مجموعة من المتظاهرين، فهل الخوف أو المصلحة السياسية فى حينها جعلت تدنيس العسكر لبيت الله أمرا حلالا، وظروف اللعبة السياسية والرغبة فى تشويه الخصوم السياسيين دينيا جعلت من حصار المسجد الآن خطيئة لا تغتفر؟.

لا توجد هنا أى محاولات لتبرير ما حدث فى ساحة القائد إبراهيم، بل هى محاولة للفهم والسؤال أين كانت هذه الغضبة وهذه الرجولة حينما تم سحل البنات فى التحرير على أيدى قوات الأمن وأين كان كل هذا الصراخ الصادر من تيارات الإسلام السياسى حينما كانت الداخلية تستحل دماء الشباب فى محمد محمود.. ألم يخبرنا الدين الإسلامى أن حرمة الأعراض والدماء أشد وأكبر من حرمة المساجد؟، ثم لماذا لم يغضب الشيوخ وأنصار تيار الإسلام السياسى مثل هذه الغضبة الكبرى التى أظهروها على المسجد والشيخ المحلاوى غضبة لله سبحانه وتعالى ودينه مما يفعله به «الشتام» الساذج عبدالله بدر؟.

وبعيدا عن عملية التذكير السابقة والتى تنفع المؤمنين، ستظل خلاصة مشهد الإسكندرية تقول بأن الشباب أو الذين حاصروا المسجد وبداخله الشيخ المحلاوى ارتبكوا جرما عظيما، ولكن قبل أن تحاسبوهم تذكروا جيدا أن تحاسبوا المشايخ الذين حطموا بتصرفاتهم وشتائمهم وأمراضهم النفسية جلال رجل الدين وقدسية المنابر الشريفة، حاسبوا الشيوخ الذين يستخدمون لغة الرداحات وشعارات المكايدة على طريقة الراقصات، حاسبوهم لأنهم حولوا المسجد إلى أداة لخدمة السلطان وأنت أعلم بما يمكن أن يفعله الغاضبون بخدمة السلاطين الظالمين والطغاة.