اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 02:23 م

سأقول «لا» وأراقب الصندوق

السبت، 15 ديسمبر 2012 11:51 ص

بعيدا عن السجالات اليومية التى نعيشها منذ طرح مشروع الدستور للاستفتاء، وبعيدا عن الاتفاق والاختلاف حول بنود هذا الدستور المشوه، والذى أشبهه بالمرأة الجميلة التى ما أن تشتهيها وتطلبها للزواج حتى تكتشف أن بها مرضا خطيرا معديا، وبعيدا عن الظلم المدسوس فى بنود الدستور والذى غلفه صانعوه بديباجة إنشائية توهمك بالعدل والحياد، وفتحوا لأنفسهم مخارج عديدة للاستبداد، فمن المؤكد أنك عرفت أن هذا الدستور لا يضمن حقوق العمال، ولا يذكر العدالة الاجتماعية للفقراء إلا ببنود مبهمة غير ملزمة، ولا يضمن التأمين الصحى للمصريين، ويفتح لشيطان الفساد والاستبداد ألف باب عبر صلاحيات الرئيس المهولة، وفتح باب الاستثناء من أحكامه بقانون يصدره الرئيس أو مجلس شوراه، وبعيدا عن كل هذا الكلام الذى سمعته فى الأيام السابقة ممن هم أجدر منى وأعلم، فسأذكر لك اليوم وأنت على باب لجنة الاقتراع أسبابى الخاصة لرفض هذا الدستور، ولا أدعوك هنا إلى رفضه فقط، وإنما أدعوك أيضا إلى الوقوف بجانب اللجنة الانتخابية ومراقبة صندوق الاقتراع، لأن ما بداخلها هو صوتك أنت، ولأن مصير هذا الصوت سيتحكم فيك وفى أولادك.

سأقول لا لأن الدساتير لا تقيم بما هو مكتوب فيها، لكن تقييمها الأساسى بما يفترض أن يكون فيها، وقد دفعنا من أموالنا وأقواتنا وأرواحنا ودمائنا ما يجعلنا مستحقين لدستور أفضل وحياة أجمل، وأرجو أن تنتبه إلى تلك الحيلة البغيضة التى اتبعها الإخوان والسلفيون بأن يضعوا أمامك الدستور ويقولون لك: اقرأ وانظر وقل رأيك، فهم بذلك يشبهون من يضع أمامك طبق فول ويقولون لك ماذا فى هذا الطبق، فإذا نظرت فى الطبق فستجد أنه ربما يكون مقبولا، لكن كن على علم تام بأنه من المفترض أن تختار أنت ما تأكله، وأن تكتب أنت ما تريده فى هذا الدستور.
سأقول لا لأن أى دستور يحدد الحقوق والواجبات، وإذا نظرت إلى سياسة الإخوان والسلفيين فى العام الماضى الذى تولوا فيه إدارة البلاد فستعرف أن الدستور سيكون سيفا على رقبتك فى المطالبة بواجباتك، بينما سيكون ماء فاترا إذا ما طالبت بحقوقك، فالقائمون على أمور الدولة لا يعترفون إلا بمن على شاكلتهم، ولا يقيمون وزنا إلا لمن يقف فى صفهم، وحتى فيما بينهم يميزون بعضهم على بعض، فالإخوانى العامل خير من الإخوانى المنتسب، والإخوانى الغنى خير من الإخوانى الفقير، والإخوانى الذى ينحدر من عائلة إخوانية خير من الإخوانى المستجد، والإخوانى بالطبع خير من السلفى الذى يعتبرونه سبة فى جبينهم، كما أكد عصام العريان فى تصريحاته للصحف الأمريكية.

سأقول لا لأنى لا أريد أن يتولى مجلس الشورى الإخوانى مهمة التشريع، ولا أريد أن أرى هذه الوجوه العابسة والعقول البائسة تتحكم فى مصيرى ومستقبلى، ولا أريد أن أرى على ونيس آخر، ولا كتاتنى آخر، ولا عريان آخر، ولا بلكيمى آخر، وغاية أملى أن تكون النتيجة النهائية للاستفتاء هى «لا» كى يتم انتخاب جمعية تأسيسية جديدة، نأتى فيها برموز هذا الوطن الحقيقيين، ليتولوا مهمة التشريع حتى يتم انتخاب مجلس الشعب، وسأقول لا لأننا تجرعنا الويلات من «نعم» التى قلناها فى استفتاء مارس 2011.

سأقول لا لأن من كتبوا هذا الدستور حصلوا على أعلى المناصب بما يحمل شبهة الرشوة، ولأنه أدنى من حلمنا بكثير، فلم يمت الشهداء من أجل أن يحاكم أبناؤهم أمام المحاكم العسكرية، ولم تسل دماؤنا من أجل أن يتم استثناء المحاسيب من الحد الأقصى للأجور، ولم تبح أصواتنا من أجل أن يتمتع رئيس البلاد بسلطات تجعله فرعونا.