اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 02:02 ص

الآثار البرلمانية للتوك شو

الثلاثاء، 24 يناير 2012 08:01 ص

هو البرلمان الأهم فى تاريخ مصر، ولا يفترض أن يتحول إلى مكان للاستعراض والتقافز، وربما لا يمكن القول إن الجلسة الأولى تحدد شكل البرلمان، لكن ما رأيناه من بعض النواب المراهقين، يشير إلى أن الاستعراض والكاميرات هما الغاية، ولا يدرك هؤلاء أن الشهداء لا يحتاجون من نواب البرلمان أن يتحدثوا عنهم، بل يحتاجون من يسعى ليحقق أهدافهم. الغاية هى ترجمة أهداف الشهداء والثورة وليس مجرد الحديث باسمهم، وتوظيفهم لجذب الأنظار.

ومنذ تم اختراع بث جلسات البرلمان على الهواء منذ أيام سرور، تحول إلى توك شو يجمع بين الكوميدى والمزايدة، أما العمل البرلمانى الحقيقى فقد كان غائباً، خاصة فى وجود الكاميرا، لأن النائب يهتم بمنظره أمام الكاميرا، أكثر مما يهتم بالتفكير فى عمل مفيد.

القَسم ليس هو المشكلة، وفى برلمانات الحزب الوطنى كان نوابه يقسمون على حماية القانون والدستور، وهم أول من يعتدى على القانون والدستور، ويسرق أموال الشعب، ويعتدى على مصالحه، ويزور الانتخابات، ولم يمنعهم القسم من فعل كل المخالفات، لكننا رأينا نوابا يبدأون الخلاف من القسم.. بعض نواب السلفيين يضيفون إلى القسم ما يرون أنه يتماشى مع فكرهم، وبعض نواب التوك شو ساروا على نفس النهج، وقد يرى الأقباط أن يضيفوا للقسم ما يناسب حقوق الأقباط، ولن نمنع التاجر من المتاجرة، واللاعب من اللعب، وكل شخص يريد أن يضيف للقَسم ما يناسب ذوقه، ولن نكون أما برلمان، بل أمام سوق.
والمفارقة أن القَسم تضمن احترام القانون والدستور، ولا أحد يعرف أى دستور هذا الذى يقسم عليه، وهى مفارقة تكشف عن سوء التقدير الذى جرى، ولا أحد من نواب التوك شو تساءل عن هذا أو التفت إليه، وسط الزحام على الكاميرات.

ثم إن قَسم البرلمان فى النهاية مجرد إجراء لا يضمن شيئاً، لكن السادة النواب القادمين من الفضائيات، لم يفرقوا حتى الآن بين كاميرا التليفزيون، وأداء البرلمان. ووسط الزحام يسعى «العضو» لجذب الكاميرا حتى يراه الناس، ويبحث عن فعل يجذب العدسات، وبالمرة يحرص على إرضاء من يعتقد أنهم يصفقون له.

الشهداء لايحتاجون من يستخدمهم للمزايدة، بل يحتاجون من يقدم قانونا لتكريمهم، وضمان حقوق أسرهم، وتشريعات تحقق أهداف الثورة فى الحرية والعدالة والمساواة، وهى أهداف تحتاج الكثير من الجهد والوقت والتفرغ والبحث والإقناع، ولن ينتجها التقافز أمام الكاميرات.
والسيد العضو الذى يهتم بالكاميرا، ولا يفرق بين البرلمان والتوك شو، لن نتوقع منه مغادرة الكلام إلى الطرح القانونى والتشريعى.

الثورة تحتاج إلى من يعملون وليس من يستعرضون. الدستور يحميه العمل، وعلى السادة النواب أن يغادروا الاستعراض إلى الفعل، وأن يعالجوا أنفسهم من الآثار الجانبية للتوك شو.