اغلق القائمة

الأحد 2024-05-05

القاهره 07:45 م

الذين يكرهون الثورة!

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011 08:03 ص

تحت بند الجريمة تندرج كل هذه المحاولات لتحميل مسؤولية ماحدث أمام السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، وما يحدث للثورة عموما، لشباب الألتراس، أو لهؤلاء المطحونين الذين يعتبر الإعلام وأهل النخبة أن ارتداءهم الفانلة الداخلية «أم حمالات»، و«قصة» شعرهم الغارقة فى «الجيل» الرخيص دليل على البلطجة والتشرد.

صحيح أن شباب الألتراس وهؤلاء القادمين من العشوائيات هم صناع موقعة السفارة والوزارة والمديرية، ولكن يبقى تحميلهم وحدهم منفردين مسؤولية ما حدث ليل الجمعة الماضى، وإدانتهم بهذا الشكل الجماعى من قبل الإعلام وقوى وائتلافات الثورة، أمرا لا يمكن أن يكون شيئا آخر سوى جريمة ندلة وخسيسة، وتهرب مخزٍ وساذج من المسؤولية، يكشف نفاق وسائل الإعلام وارتباكها، ويفضح ضعف القوى الثورية وكذبها.

ركّزْ كثيرا مع مسألة الكذب والنفاق هذه، لأن نفس الائتلافات والأحزاب والنخبة التى تدين شباب الألتراس، وغلابة المناطق العشوائية، هم أنفسهم الذين اعترفوا فى بداية أحداث الثورة بأن الألتراس، وشباب المناطق العشوائية، هم طوق النجاة الذى أنقذ هذه الثورة من فخ القبضة والضربة الأمنية فى 28 يناير، ومن قسوة المؤامرة فى موقعة الجمل. وحتى بدون تلك الاعترافات المسجلة صوتا وصورة تشهد قوائم الشهداء والمصابين على ذلك، بل تؤكد حقيقة وجود الألتراس وشباب العشوائيات فى الصفوف الأمامية التى دحرت قوات الأمن، وأسقطت قبضة نظام مبارك الدامية، وهم الذين قدموا أرواحهم بحماسة وتهور فداءً لتلك الثورة، بدليل أن قوائم الشهداء والمصابين أو أغلب الأسماء الواردة فيها لا تنتمى إلى حركة سياسية، أو حزب، أو ائتلاف، أو أحد من تلك القوى التى تصدرت مشهد الحديث والتجارة باسم الثورة. والفيديوهات المسجلة لمواجهات ميدان التحرير، والشوارع الجانبية، والميادين المختلفة فى يومى 25 و28 يناير تؤكد أن هؤلاء الذين لا تعجب القوى السياسية «سحنتهم» و«فانلاتهم» الداخلية هم الذين خاضوا المواجهات المباشرة مع الشرطة بنفس الوجوه، ونفس «الفانلات» الداخلية.

لا أعرف بأى شكل، وبأى عين، وبأى أخلاق، قررت القوى الثورية التنصل من مسؤوليتها عما حدث أمام السفارة، وعما يحدث من تراجع وارتباك فى مشوار الثورة، وتحميل ما يحدث لشباب العشوائيات والألتراس وحماسهم وتهورهم، تماما كما كان يفعل نظام مبارك حينما يستسهل فكرة وضع الأخطاء فى أعناق الآخرين.

النخبة والقوى الثورية تتحمل المسؤولية كاملة لأنها فشلت حتى الآن فى استيعاب تلك الفئات، أو على الأقل فهمها، ولأنها لا تمتلك وسائل قوية لإقناع الجماهير وتحريكها. المسؤولية أيضا عما حدث أمام السفارة، وما يحدث للثورة عموما يتحملها هؤلاء المشاهير المنافقون الذين يستمتعون بالهتاف أمام الكاميرات، ويسخنون الأجواء، وحينما تشتعل يهربون رافعين شعار.. «مالناش دعوة»!

ما حدث، وما يحدث من ارتباك فى مشوار تلك الثورة، مثلما هو مسؤولية المجلس العسكرى، هو أيضا نتيجة للتصريحات التافهة والسخيفة والساذجة التى يطلقها هواة «الجعجعة الفارغة» وكلام المظاهرات، والذين لا يعرفون خططا، ولا يعرفون حسابات، ولا أى تفكير.

ما يحدث لتلك الثورة مسؤولية الدكتور شرف الذى تصدى لمهمة أكبر منه، ومسؤولية المجلس العسكرى الذى لا يملك نوايا واضحة، ومسؤولية كل فرد على أرض هذا الوطن تخيّل فى نفسه أنه صانع للثورة، بينما هو فى الأساس غير قادر على إشعال ثورة على نفسه، وما بها من أمراض.