اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 11:08 ص

لمصر وللمشير

السبت، 10 سبتمبر 2011 09:10 ص

أنت أمام الله الآن يا سيادة المشير.. فقط تذكر ذلك جيدا، قل ما حدث ليس أكثر ولا أقل، قل ما رأيته بعينك وشعرت به فى قلبك واطمأنت إليه جوارحك، ابعد عن عينيك ذكرياتك مع قائدك السابق، تذكر مصر فقط، بلدك الذى حماك وآواك وأطعمك وبه افتخرت، تذكر الشباب الذى قلت عنه ذات يوم إنه «عظيم»، وإنه «نبتة طيبة فى أرض مصر».. تذكر أنك وقفت ذات يوم تحت العلم وحلفت يمينا مقدسا وأقسمت على حماية الوطن وشعبه وأراضيه ومصالحه، تذكر أننا هتفنا «الجيش والشعب إيد واحدة» لأننا كنا على ثقة تامة أن للمروءة والشجاعة محل إقامة دائم هو «الجيش المصرى» صاحب عقيدة الدفاع عن الوطن فحسب.

لا صحفيون حولك ولا كاميرات لتؤرقك، فقط أنت شاهد أول ورئيسى فى موقعة المصير، وأتمنى أن تقرأ هذه الكلمات قبل أن أَمْثل «غاضبا» لقرار حظر النشر الذى فرضه القاضى على جلسات محاكمة مبارك، وقبل أن تمثل أنت أمامه.. كل ما أريده أن أذكرك يا سيادة المشير باليوم الذى صرخت فيه فى وجوه الفاسدين وقلت لهم «إنتو إيه عايزين تبيعوا مصر كلها ولا إيه؟» وأذكرك بـ«ابنها» الذى كان يتعالى على الجميع، متخيلا أنه ملك الأرض ومن عليها، والذى كان لا يهتم إلا بأن يرى نفسه حاكما بأمر الفساد، ومتحكما فى رؤوس العباد، ولأذكرك ما كان يبذله هو وأبوه من تنازلات رخيصة لأمريكا وإسرائيل طمعا فى رضائهما عليه، وتذليلهما العقبات أمام حكمه لمصر، غير مبال بمؤسساتنا العريقة ولا شعبنا العظيم.
ضع خلافاتك مع الثوار جانبا يا سيادة المشير، فهذه فرصة عظيمة لنصفى النفوس، ونلتف جميعا تحت علم مصر الذى أعرف أنك تقدسه، أنت تحملت المسؤولية وعليك أن تتحمل تبعاتها، واعلم أن ثوار مصر مهما أغضبوك يخافون على بلدهم ويحبونه، وخلافهم معك بدافع حب الهدف الأسمى وهو رفعة الوطن، واعلم أيضا أنه لم يكن أحد ليعترض عليك ولا على قراراتك لولا الخوف على الوطن من مستقبل مجهول، ليس من مصلحة أحد أن يغضبك، أو يقلب الشعب عليك، فنحن من هتفنا «واحد إتنين الجيش المصرى فين» ونحن من هلل للدبابات المعطرة برمال الوطن قائلين: «الشرطة بتضرب فينا عايزين الجيش يحمينا»..
بيننا وبينك مصر، وأنت الآن على رأس مؤسستها الحاكمة، وأنت تعرف ما هى مصر، ومقدارها فى النفوس.. أستحلفك بدموعك التى انهارت يوم أن رأيت متخفيا جلال أبنائها فى الميدان، وأظن أن سبب بكائك هو تخيلك لمشهد الدبابات وهى «تساوى الميدان بمن فيه» كما طلب منك المخلوع، وكما صرحت من قبل فى حفل تخريج أكاديمية الشرطة، وأعتقد أن مشهد إراقة أبناء مصر أفزعك، كما أظن أنك فى تلك اللحظة وفى تلك اللحظة فقط أخذت قرارك التاريخى بعدم إطلاق النار على الميدان، وهذا ما جعل الدموع تعرف طريقها إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة.

الله من فوقك، والمخلوع على يسارك، وأهالى الشهداء يمينك، والتاريخ أمامك، والتاريخ «لا يرحم» يا سيادة المشير، التاريخ أعمى يا سيادة المشير، لا يعترف إلا بما ينطقه اللسان، وتؤكده القرائن، ويبوح به الضمير، ويلتف حوله الشعب.. التاريخ يستمع إليك يا سيادة المشير.. قل: والله العظيم أقول الحق.