اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 09:53 ص

الصيام عند المصريين

الخميس، 04 أغسطس 2011 04:00 م

يلتحم صيام السيدة العذراء وعيدها للأقباط مع شهر رمضان المعظم لأشقائهم المسلمين فى دلالة ربانية موحية بحب الله سبحانه وتعالى لهذه الأرض المباركة وهذا الشعب العظيم، الذى ذكر فى كل كتبه المقدسة من توراة وإنجيل وقرآن. ولا أعتقد أنه يوجد شعب فى العالم يتميز عن الشعب المصرى فى علاقته بالصوم، فنجد وفق كتاب - فقه السنة- العبادات، المجلد الأول: أن المسلمين يصومون بالإضافة إلى شهر رمضان المعظم: ثلاثة أيام فى شهر شعبان (13-14-15) ووقفة عرفات يزيدون اختياريا إلى عشرة أيام، وفى شوال الستة أيام البيض، وأول ونصف والسابع والعشرين من رجب، بالإضافة إلى (104) أيام اختياريًا، وهى الاثنين والخميس ليصل الإجمالى ما بين (147) يومًا يزيد اختياريًا إلى (201) يوم. أما الأقباط فيصومون خمسة وخمسين يومًا هى الصيام الكبير وثلاثة أيام واثنين وأربعين يومًا الصيام الصغير، وأربعين يومًا هى صيام الرسل، وخمسة عشر يومًا هى صيام السيدة العذراء من الممكن أن يزيدوا اختياريا إلى واحد وعشرين يومًا، إضافة إلى الأربعاء والجمعة إلى (256) يومًا كل عام واختياريا (266) يومًا فى العام. ومن ثم نجد أن إجمالى صوم المصريين (406) أيام فى العام وفى حالة الزيادات التطوعية تصل إلى (467) يومًا من (365) يوما هى أيام السنة. أى أن الشعب المصرى تتجاوز فيه سنة الصيام أيام العام بأكثر من 100 يوم! ولم يدرس أحد هذه العلاقة بين المصريين والصيام من منظور حضارى واجتماعى..

ترى هل هى حب أو خوف من الله سبحانه وتعالى؟ أم أن الأمر ارتبط بتكرار شدة المظالم، التى وقعت على المصريين على مر العصور فلم يعد أمامهم من ملاذ آمن سوى اللجوء لله سبحانه وتعالى؟ أم أن قيم الحرمان النسبى والتحديات الجسورة الاجتماعية دفعتهم إلى ازدياد قدرتهم فى الانقطاع عن الطعام.. كل هذه الأسئلة المشروعة وما يمكن أن يضاف لها من ارتباط الصوم روحيا ودينيا وحضاريا بالهوية المصرية، فالمصريون المسلمون من أهل السنة، ولكنهم يصومون عاشوراء ويحبون آل البيت ويتقربون من الأعتاب. والصيام كذلك ليس سرا من أسرار الكنيسة القبطية، لكنه يرقى فى الحياة الروحية للأقباط إلى مرتبة السر.
والمصريون جميعًا مسلمين وأقباطا يؤمنون بشفاعة الرسل وأولياء الله الصالحين والقديسين.. رغم تعرض مصر مرارًا وتكرارًا للنقد من الجماعات الدينية تجاه هذه الظاهرة.. والتى يضاف إليها زيارة الأضرحة والقبور، فقط المصريون أيضًا الذين يطلقون على أبنائهم عبدالنبى عبدالرسول عبدالمسيح.. وفى بعض البلدان يثير ذلك حفيظة المتشددين! والطرق الصوفية فى مصر وفق بعض الإحصائيات يتراوح أعداد المنضوين فى صفوفها ما بين السبعة والتسعة ملايين، ومصر أيضًا هى التى أسست الرهبنة فى المسيحية عن طريق الأنبا أنطونيوس وعبرها انتشرت الرهبانية شرقًا وغربًا.

والمصريون مسلمين وأقباطا يحتفلون سنويًا بما يزيد عن مائة مولد واحتفالية بولى أو قديس أو قديسة إضافة إلى الأذكار التى يذكر فيها اسم الله وتروى قصص السلف الصالح. إن هذه الهوية الروحية لأبناء الشعب المصرى العظيم بما لها وعليها لا يمكن أن تؤطر أو تحتكر فى جماعة دينية إسلامية كانت أم مسيحية!!

فى مصر أو فى المهجر.. هذا النيل الذى يفيض روحيا ووجدانيا وإنسانيا ليزيح القهر والكرب عن مصر كل مصر حماها الله لن يقدر أحد فوق الأرض أو تحتها أن يحتكرها أو يحتويها أو يضمها فى جماعة أى جماعة.. رمضان كريم.