اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-08

القاهره 11:39 م

«طبلية» عمرو موسى

السبت، 27 أغسطس 2011 08:21 ص

غريب أمر السادة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، بعضهم يعيش أجواء انتخابات البرلمان والمحليات ويطوف الشوارع للسلام على أهل المقاهى، معتقدا بذلك أنه يتواصل مع القاعدة الشعبية، وبعضهم يجلس فى منزله متحصنا بالفيس بوك وتويتر ويقوم بتسلية صيامه بـ«تويتة» هنا و«تويتة» هناك كلما شعر بأن غيابه عن الأحداث والتطورات الخطيرة التى يعيشها الوطن أمر من أمور العيب.

حمدين صباحى يطوف فى الشوراع ومن خلفه صديق يلتقط صورا له بالموبايل أو كاميرا رديئة أمام محل عصير أو مع الشيخ حسان، وكأن الرجل يقول للعالم أنه عاجز عن تنظيم حملة انتخابية محترفة ومتطورة، والبرادعى يجلس فى منزله مندمجا فى «التتويت» على تويتر وكأنه مصمم على تأكيد فكرة انفصاله عن الشارع، وأبو الفتوح والعوا «كعب داير» على الندوات والمؤتمرات وكأنهما كانا يحلمان بالتدريس فى الجامعة وإلقاء المحاضرات، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يمارس دوره الدعوى تليفزيونيا وكأنه يريد أن يؤكد معلومة أنه رجل دين وليس رجل سياسة، وباقى الأسماء الهامشية مثل الأشعل وتوفيق عكاشة وبثينة وبلال وغيرهم يطلقون من التصريحات والأفكار ما يجعلك تتأكد أن القذافى ليس نادرا من نوعه.

راجع الحملات الانتخابية فى الدول المحترمة ولن تجد مرشحا يتحرك خطوة للأمام أو حتى للخلف دون أن يكون فى يده برنامج واضح المعالم، فى مصر دخل السادة المرشحون للرئاسة فيلم الانتخابات من آخره، وتحديدا عند مشاهد الهتافات والاستمتاع بالتصوير مع الأنصار ولم يفاجئنا أحدهم ببرنامج مكتوب، أو صفحات تتضمن خططا بها تصاوير أو رسومات بيانية، فقط مجموعة من الوعود والأفكار العامة لا تختلف أبدا عما كان يتفوه به الرئيس السابق مبارك.

السيد عمرو موسى لا يختلف كثيرا عن إخوانه فى قائمة المرشحين، ولكنى أبقيت الحديث عنه منفردا لأنه المرشح الأنشط فى الشهر الأخير من حيث الجولات ومفاجأة الناس فى أماكن مختلفة، يمارس موسى لعبته القديمة فى مداعبة مشاعر الناس، وهى لعبة احترفها ونجح من خلالها فى أن يخلق لنفسه صورة المعادى لإسرائيل بالامتناع مرة أو مرتين عن مصافحة المسؤولين الإسرائيليين أمام الكاميرات، وها هو يصنع لنفسه هيئة نصير الغلابة والمطلع على مشاكل المساكين بصورة فى فرح شعبى، لبىّ دعوة الحضور إليه، وصورة للإفطار على طبلية فى المقابر، وأخرى يؤم فيها الناس للصلاة فى القليوبية.

يفعل موسى ذلك بمهارة عالية وبنشاط يدفعك لأن تنسى عامل السن، خصوصا بعد أن تخلى عن الكثير من كلاسيكيته بالتنازل عن الكرافتة، ولكن المشكلة هنا أن السيد عمرو موسى لم يقدم أوراق اعتماده بعد والتى تتلخص فى برنامج وخطط واضحة، وأغلب الظن أن الرجل يعتقد أن أغنية «باكره إسرائيل وباحب عمرو موسى» تكفى بمفردها لإنجاحه فى الانتخابات الماضية.

أغلب الظن أن أحدهم أقنع الرجل بأن الأكل على الطبلية وإمامة الناس فى الصلاة أمر كاف لزغزغة مشاعر الناس وأصواتهم الانتخابية، ولم يخبره أحد أن المزاج المصرى تغير ويحتاج إلى الأرقام والخطط والرسوم البيانية أكثر من حاجته للفهلوة، موسى يحتاج إلى إعادة دراسة المزاج المصرى من جديد، يحتاج إلى الاستماع إلى الأجيال الجديدة فى المجالات المختلفة، يحتاج لأن يفتح مكتبه لأصوات أكثر شبابا واختلافا ليفهم قبل أن يتحرك.