اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-10

القاهره 05:06 م

ذكاء الإخوان السياسى

الثلاثاء، 19 يوليو 2011 10:31 م

أثار قرار الإخوان بعدم مشاركتهم فى التشكيل الوزارى الذى يجرى حاليا، كثيراً من الجدل، خاصة بعد تصريحات القيادى الإخوانى أحمد أبو بركة، الذى أكد أن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء عرض على خمسة أشخاص ممن ينتمون للجماعة، تولى حقائب وزارية فى التعديل الوزارى الجديد، ولكنهم رفضوا.

وأرى أن موقف الإخوان يدل على مدى ما يتمتعون به من حنكة سياسية، فقد قرأ قيادات الجماعة الوضع السياسى المصرى، وتأكد لهم أن حالة عدم الاستقرار التى يمر بها الوطن، تجعل كل عاقل يحجم عن المشاركة فى الحكومة المؤقتة، التى تفتقد للاستراتيجيات والرؤية الواضحة للمرحلة المقبلة، مع الحرص على دعم الحكومة، وتحركاتها التى تصب فى مصلحة الوطن، ولعل الاعتذارات التى تقدم بها الكثيرون ممن عرض عليهم مناصب وزارية من غير الإخوان، كانت نتيجة لحالة الضبابية، التى تمر بها الأجواء السياسية والحكومية، ومن يريد مصلحة الوطن عليه أن يدعم أى وزارة حتى تستقر الأمور وتعود مؤسسات الدولة من جديد.

لكن الشاهد من الأمر أن تصرفات الإخوان تؤكد أنهم وعوا الدروس التاريخية، ويحاولون تجنب الوقوع فى الأخطاء التى شاهدتها حقبة ما بعد ثورة يوليو، كما أنهم ينطلقون فى تصرفاتهم من منطلق وطنى يحاولون من خلاله المحافظة على وحدة الجيش والثوار والشعب، وذلك من خلال تدعيم المواقف الوطنية للجيش، الذى لا ينكر أحد أنه كان من أهم عوامل نجاح الثورة، وأيضا تدعيم موقف شرف الذى يعد من الشخصيات التى تحملت أعباء كبيرة، فى مرحلة دقيقة من تاريخ الوطن .

لكن على كل القوى السياسية التى سيكون لها تمثيل برلمانى بقوة فى المرحلة المقبلة، أن يرتبوا أوراقهم جيدا، حتى يكون لدى برامج سياسية واقتصادية تساعد الوطن على الخروج من النفق المظلم، والعبور به إلى بر الاستقرار والنمو الاقتصادى، وعلى الإخوان إن كانوا يريدون أن يكون لهم دور قوى فى المرحلة المقبلة أن يقدموا للمجتمع نموذجا كالنموذج التركى، الذى أبهر العالم بأدائه السياسى، وأن يستخدموا ذكاءهم السياسى فى الخروج بالوطن من كبوته، وذلك من خلال التعاون وتقاسم الأدوار مع الاتجاهات السياسية الأخرى.

وإن كنت أرى أن الإخوان بالفعل حريصون على الالتحام بباقى القوى السياسية، إلا أننى أخشى من أن المواقف الإقصائية، من قبل بعض الاتجاهات السياسية الأخرى، تدفع الإخوان للانفراد بالساحة السياسية، وهذا مكمن الخطر، فالوطن الذى يكون حبيس رؤية وحدة، يصبح مستقبله مهدداً بمخاطر الديكتاتورية والاستبداد السياسى، والنجاة كل النجاة فى تعدد الرؤى وتضافر كل جهود الوطنية حتى لو اختلفوا فى الأيدلوجيات والمشارب السياسية.