اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 11:38 م

احترم نفسك!

الإثنين، 26 ديسمبر 2011 07:45 ص

لا تسأل كثيرا عن حال مصر الآن، لا تتعب نفسك فى الجرى وراء الدراسات ومراكز البحوث الاجتماعية، لكى تعرف الوضع العام الذى نعيش فيه، فقط.. طرطأ ودانك، وفتح عينيك مع هؤلاء السائرين فى شوارع حياتنا، وركز مع تصريحات السادة المسؤولين والمثقفين، وما يكتبه الصحفيون المتحولون فى الجرائد والمجلات، ستأتيك الشتائم والألفاظ الجارحة والخارجة من حيث لا تدرى، ستطاردك العبارات الخادشة للحياء، والتصريحات المنتهكة للكرامة فى كل مكان.

إنهم الشتامون يا سيدى، يسيطرون على البلد الآن بثقافتهم، بإرهابهم الجديد، بعنفهم الذى يبدأ لفظيا، ويتحول مع مرور الزمن إلى عنف لا يرضيه سوى الدم، تماما مثلما حدث مع إرهاب الجماعات الدينية، بدأ بدعوة لفظية تكفيرية، وسرعان ما تحول إلى قنابل موقوتة، نرفع أشلاء أطفالنا بعد انفجارها، تماما مثلما حدث مع مروة الشربينى، بدأ بلفظ متخلفة، وانتهى بـ18 طعنة وسيل من الدماء لم يتوقف إلا حينما فارقت الحياة، وتماما مثلما يحدث كل يوم فى شوارعنا الآن بين بعض المتظاهرين ورجال الأمن، يبدأ بلفظ ياخائن، ثم يتطور إلى يابن الكلب، وينتهى بمعركة تتسيدها الحجارة والأسلحة التى كانت بيضاء قبل أن تنهش فى لحوم المارة.

إنهم الشتامون ياسيدى، يفسدون فرحتنا بالمشى فى الشوارع فى ظلال الأمل الذى منحته لنا الثورة الجديدة.. هل تلاحظ أنك تخشى فسحة الكورنيش مع ابنتك وزوجتك، خوفا من لفظ خادش للحياء، يطير هنا أو هناك، أو معركة فجائية أصبحت سهلة الاشتعال مع الانفلات الأمنى؟، حتى مباريات الكرة.. أصبحنا نشاهدها مع الوضع التليفزيونى الصامت، خوفا من أن تخترق شتائم الأب والأم آذان أطفالنا الصغار، حتى الفضائيات الدينية، نخشى أن نقلب التليفزيون عليها بالصدفة، حتى لا يتهمنا أحدهم بالكفر، أو بالزنى لمجرد أننا شاهدنا نانسى عجرم تغنى فى التليفزيون، حتى الأغانى نفسها، أصابها داء القذارة والابتذال، وأصبحنا نفلتر كلماتها قبل أن نقرر أن نسمعها مع أولادنا وبناتنا.. هذا بخلاف الخطب السياسية، وتصريحات المسؤولين لم نعد نهوى الالتفات إليها، خوفا من تصريح ينتقص من كرامتنا، أو يتهمنا بعدم النضج.

إنهم الشتامون ياسيدى.. يزحفون على كل قطعة من حياتنا، استولوا على الشارع والتليفزيون والمساجد والأحزاب والمظاهرات وكراسى الحكومة، أجبروا كل المحترمين على الهرب، كل من كنا ننشد فيهم الأمل، فروا بجلدهم خوفا من أن تلوث هجمات الشتامين تاريخهم، أو حياتهم.. لم يعد الآن سوى نحن وهم.. هم بقاموس طويل يستحدث دوما قنابل لفظية خادشة للحياء، ولغة إرهابية جديدة تخيرك بين صفوفهم أو الصفوف الأخرى التى تأكلها ألسنتهم، ونحن بآذان لا تملك سوى درع العفة الواقى.. فهل تنقذنا مقاومتنا منهم، أم سنحتاج لقانون جديد.. كل مهمته ردع الشتامين فى مصر؟!.