اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 06:54 ص

وعد الجنزورى وخطأ المعتصمين

السبت، 17 ديسمبر 2011 08:01 ص

إنت كنت سترفع الشعار الشهير «وهم معتصمين ليه؟!»، أو كنت من هؤلاء الذين يرون فى استخدام العنف «الأهبل» لفض التظاهرات أمرا طبيعيا.. إن كنت من هؤلاء أو أولئك أو من غير المؤمنين أصلا بحق المواطن فى التظاهر والاعتصام دافعا عن وجهة نظره، أو من هؤلاء الذين يعتقدون أن المتظاهر على حق مثله مثل ذبون المحال الكبرى، فلا تسع لاستكمال هذه السطور لأنها ربما ترفع ضغطك أو تدفعك لغضب حظى منه لن يكون سوى شتائم.

كنت أظن أن درس محمد محمود كافيا لنا جمعيا لكى ندرك ثلاثة أمور، أولهما أن فئة ليست قليلة من الشعب المصرى لم تعد قنابل الغاز ترهبها أو عصيان الجنود تمنعها عن مواصلة تظاهرها واعتصامها، وأن العقل وحده ودراسة المطالب والرد عليها بالمنطق هو الطريق الوحيد للتفاهم مع المعتصمين، أما الأمر الثانى فيخص قدرة الأجهزة الأمنية وصناع القرار فى مصر على الاستيعاب والتعلم، والذى يتضح من تكرار ارتكاب نفس الخطأ بنفس الطريقة أنها قدرة ضعيفة أو معدومة، كنت أظن أن ما حدث منذ 25 يناير وحتى الأن أمر كافيا لأن يتعلم منه السادة المسؤولون أن استخدام القوة المفرطة فى التعامل مع المواطنين، سواء كانوا معتصمين أو متظاهرين أو سائرين فى الشوارع يولد رد فعل أعنف وأكثر تصميما على الرد من الفعل الأمنى نفسه.

أما الأمر الثالث، وهو الأهم، فهو ما يتعلق بالمعتصمين أنفسهم، بل بفكرة الاعتصام فى حد ذاتها، بالذين يعتصمون ويتظاهرون ويهتفون دون أن يسألوا أنفسهم لماذا نعتصم؟! ودون أن يقدموا مبررات واضحة للناس حول هذا الاعتصام حتى لا يفقدوا تضامن الشارع.
بشكل أدق أكثر يتعلق الأمر الثالث هنا بعدم وجود خطة واضحة للاعتصام وعدم تقديم إجابات أوضح على أسئلة من نوع هل التوقيت مناسب، وما هى استراتيجية هذا الاعتصام، ومن المسؤول عنه، ومن المفوض بالدخول فى مفاوضات مع الدولة باسمه، وهل كل الموجودين أمام مجلس الوزراء على نفس القدر من المسؤولية التى تجنب الاعتصام تحمل أخطاء المتهورين أو المندسين أو المأجورين أو المتحمسين مثلما حدث أمس وتم تحميل الاعتصام مسؤولية بداية الاشتباكات مع قوات الأمن لأسباب غير مفهومة.

الأخطاء هنا مشتركة ولكن يبقى خطأ الدولة أكبر، ليس لأن أجهزتها الأمنية لم تتعلم من أخطاء الماضى، ولكن لأنها طبقا للقانون والعرف هى المسؤولة تماما عن تأمين المواطن المصرى أيا كان مكانه وأيا كان وضعه وموضعه، ولأن الدكتور كمال الجنزورى «فتح صدره» ووعد بحماس ألا يتعرض أى متظاهر أو معتصم للعنف ولم يمر أسبوع واحد على وعده إلا وعادت الدماء من جديد وهذه المرة أمام مقر حكومته.

كحكة حمراء كبيرة ومدورة لحكومة الدكتور الجنزورى فى أول اختبار حقيقى لها، وللمسؤولين عن إدارة شؤون هذه الدولة الذين لم يسعفهم إدراكهم فى ابتكار طرق محترمة ومختلفة للتعامل مع الاعتصامات والمظاهرات، وللمعتصمين أمام مجلس الوزراء الذين هدموا فكرتهم النبيلة بعدم التخطيط والسماح للأصوات العالية بأن تتصدر المشهد.