اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 06:23 م

«همساتى فى أذن العيد»

الأحد، 06 نوفمبر 2011 09:00 ص

أيها العيد يولد صباحك مشطور المعنى، منزوع الطعم، مجهول الملامح، سرق اللصوص قمرك، وشمسك، ونجومك، وطاولتك التى تجمعنا حولها، بمن نحب، فماذا تبقى منك؟! وماذا تبقى لنا فيك؟!

داست الأيام – بمرها ومرها – على بعضها البعض، فباتت العيون متحجرة، والأهداب مخضلة بالدمع المكتوم، فكيف لنا أن ننظر إليك؟! كيف لنا أن نرى فيك يوماً جديداً؟! لمجرد أنك تحمل شروقاً وغروباً؟! صباحاً ومساءً؟!

كيف يمكننا أن نستقبلك بالورود، والبهجة، بعد أن أحالوا البهجة للتقاعد المبكر، وبعد أن شاخت الزهور، وذبُلت على أعوادها، وهى فى سن التفتح؟!

أيها العيد فى زمن العسكر، والظلم، والقهر، كيف تستدير شمسك نحونا؟! كيف تدخل الفرحة لقلوبنا؟ والأبواب كلها موصدة؟! كيف لك أن تمد يدك وتمسح الغبار عن وجوهنا، وتطبب الجراح الغائرة فى نفوسنا؟!

أيها القادم منسوخاً ممسوخاً، كيف.. كيف لنا أن نفصل العين عن أهدابها؟! والشمس عن دفئها؟! والقمر عن ضوئه؟! والورد عن عطره؟! والعيد عن فرحه؟! والفرح، عمن لا نملك الفرح إلا بينهم وبهم؟!

كل الجرائم يمكن أن تغتفر، وكل الآلام يمكن أن تحتمل، إلا جريمة تعمد فراق المحبين، والمباعدة بين الأهل والأقربين، وتمزيق القلوب الصغيرة، بأوجاع كبيرة أكبر من أن تسقطها الذاكرة.

فمن يفقد عزيزاً عليه يفقد قطعة من نفسه، ومن يصاب فى ماله، أقل ألماً ممن يصاب بروحه، ومن احترق أثاث مكتبه، أقل عذاباً ممن احترق قلبه، أو الاثنان معاً، ومن يفعل كل هذا فى إنسان ظلماً، أو كيداً، وبغير ذنب، أو جريمة، حتماً لا قلب له !!

أيها العيد الذى أتى بعد حكم قضائى قال ببراءة.. لم ينطق بها.. فسرق الفرحة بالحق الغائب.

أيها العيد هناك أمور أكبر من أن تكون صفحة تُنزع من كتاب، أو حتى جبلاً يحذف من خريطة، أو قمراً تنفخ فيه فتنطفئ شعلته، فالاحساس الإنسانى، وفرح العيد المسروق من العيون جملة لا يتحمل مسؤولية شطبها رقيب !!

لا أعرف كيف يفعل هذا إنسان بإنسان؟! لا أعرف كيف ينام وفى رقبته برىء؟! كيف يسمح ويقول لغيره، كل عام ونحن بخير بالفم الملآن؟!

أيها العيد.. عُد من حيث أتيت، فطلباتى واحتياجاتى منك محددة، الغريب فيها أنها ذات طلباتى التى كنت أطلبها منك خلال تسعة أعياد قضيتها فى سجنى ظلماً وهى:

أولا: أن تذهب لأولادى وأسرتى وتشعل لهم شمعة، أن تفتح ثغرة فى الأسوار التى تحول بينى وبينهم.. قل لهم: إذا كان أبوكم ليس معكم، فالله لن يتخلى عنكم أبداً هو – فقط – يمتحن حبكم لوطنكم وأبيكم، فالله لا يتخلى أبداً عن مظلوم بقرار جمهورى.. قل لهم: إن كل يوم يمضى يقربنا أكثر مما يضعفنا، فلا تهتزوا لما ترونه الآن فالظلام لا يعيش للأبد، وسيأتى يوم قريب تبيض وجوه، وتسود وجوه.

ثانياً: أن تعود لنا العام القادم بعد أن تفتح الأبواب، وتنصف المظلومين والأبرياء. واحداً بعد واحد فتعود البسمة للوجوه الحزينة وتعود لك أيها العيد فرحتك، وفرحتنا بقدومك، ونحن مع من نحب فأجمل ما فيك، أن يجتمع المحبون.

الغريب أن طلباتى التى كنت أحلم بها فى العيد خلال تسعة أعياد قضيتها فى سجنى، هى ذات طلباتى فى عيد جديد، بطعم الثورة لكن ينقصه نكهة الحرية..

من الإسكندرية.. أقول لكم عيد سعيد عليكم.. وعلى كل من تحبون.