اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 04:45 م

الحديث باسم الشعب

الجمعة، 18 نوفمبر 2011 07:22 ص

أهم ما تقرؤه فى كل تعليقات القوى السياسية الرافضة لوثيقة المبادئ الدستورية المشهورة إعلاميا بـ«وثيقة السلمى» القول إنها: «التفاف على الإرادة الشعبية»، ولو طالعت هذه التعليقات ستجد أنها تطرح عبارة «الالتفاف» فى مطلع حججها التى تقود إلى رفض الوثيقة، ثم تذكرها بعد أن تنتهى بهذه الحجج التى ترمى إلى أنها لومرت ستصبح مصر جحيما، وبين بدء الرفض ومنتهاه، لا تعرف يقينا هل هؤلاء بالفعل معبرون عن غالبية الشعب أو عن أى شعب يتحدثون؟.

وحتى لا يكون طرحا كلاميا مقصورا على الرافضين للوثيقة، أقول أيضا إن الذين يؤيدونها يسيرون على نفس النهج، ففى بدء حججهم يقولون: «إنها تعبير عن إرادة الشعب»، وفى المنتهى يؤكدون: «أنها تعبير عن إرادة الشعب»، والسؤال هنا أيضا عن أى شعب يتحدثون، وهل هؤلاء فعلا معبرون يقينا عن غالبية الشعب؟.

الجدل الدائر حول الوثيقة، هو جدل نخبة تفرضه طبيعة الموضوع، الذى يبدو بعيدا عن الشارع المشغول الآن بالانفلات الأمنى، وتأمين لقمة العيش، ويقوده ذلك إلى حالة كبيرة من فقدان الثقة فى النخبة، التى تتركه يدبر حاجته بنفسه، ويواجه البلطجة دون عون من القوى السياسية التى تتباهى بقوتها فى الشارع، والمثير أن هذا الحال منعكس على المناخ العام للانتخابات، والشاهد على ذلك أنك لن تجد حرارة شعبية تحتضن الدعاية الانتخابية للمتنافسين، ولو سألت معظم الناخبين عن مرشح فلن يعطيك إجابة مرجحة أو شافية، إما لتعقيد النظام الانتخابى، وإما لسدة النفس، ويقودك كل ذلك إلى عدم توقع النتيجة التى ستفسر عنها الانتخابات، فقط ستجد توقعات ترددها النخبة توزع فيها النسب بين المتنافسين، دون سند حقيقى يرجح هذه النسب.

لا أطر ح هذه المسألة على سبيل السخرية من الطرفين المتناحرين على الوثيقة أو المطالبة بالكف عن مناقشتها، ما دام تم فرضها على بساط البحث والقرار، وإنما على سبيل التعجب من حالة التربص بينهما، وفى نفس الوقت إصرارهما على الإيهام بأنهما يتحدثان باسم الشعب، فى الوقت الذى ينصرف فيه الشعب كما قلنا إلى هموم أخرى تماما، وهكذا نجد إعادة لمرض تسبب فيه النظام السابق، وهو الإصرار على صرف الشعب المصرى عن العمل المشاركة السياسية.