اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 01:26 م

نوبل بين الأدب وقلة الأدب

الإثنين، 10 أكتوبر 2011 04:05 م

ألفريد نوبل ترك ثروة بالملايين كوقف من أجل تقدم البشرية والسلام فى العالم محاولاً أن يكفر عن ذنب لم يقصده حين اخترع الديناميت من أجل أهداف سلمية فحوله آخرون إلى سلاح شيطانى للقتل، مما جعل الرجل يشعر بذنب لم يقترفه، ورغم ذلك راح يكفر عنه حتى وهو ميت. هذه مجرد مقدمة يستحقها صاحب الاسم الذى نردده كثيراً هذه الأيام بمناسبة إعلان جوائز مؤسسته، والأهم بمناسبة اللغط الدائر حول عدم فوز وائل غنيم وإسراء عبدالفتاح المصريين بجائزة نوبل للسلام التى نُشر أنهما مرشحان لها.

وأول القصيدة أنى والله العظيم لو أن هذا الأمر حقيقة لكنت من الفرحين، ولكن الحقيقة أن لا وائل غنيم ولا إسراء عبدالفتاح ولا الدكتور علاء الأسوانى قد تم ترشيحهم لنوبل كما ذكرت وهللت وسائل الإعلام المصرية، فالأمر كله كذبة فى أسوأ الأحوال أو سوء فهم فى أفضلها.

ودعونى أعرض بعض الحقائق الأساسية حول هذه الجائزة وما حدث هذا العام بالتحديد.ولزم التنويه أن ما أكتبه حول طرق الترشح هو ترجمة مباشرة من موقع الجائزة الرسمى على الإنترنت بعبارة أخرى هو ليس تكهنا أو تصورا.

فى شهر سبتمبر من كل عام، ترسل لجنة جائزة نوبل آلافًا من الدعوات لشخصيات أكاديمية وعلمية كأساتذة الجامعات والعلماء، وكذلك لفائزين سابقين بالجائزة وأعضاء مجالس نيابية وشخصيات عامة سياسية من كل أنحاء العالم، وهذه الدعوات تتضمن طلباً لترشيحات فى أفرع الجائزة المختلفة.

فى الأول من فبراير تنتهى مهلة الترشيحات ولا يقبل بعدها أى ترشيح من أى جهة.
من شهر فبراير حتى شهر مارس يتم إعداد قوائم المرشحين وترتيبها وإعداد ما يطلق عليه short list أى قائمة مصغرة ومنتقاة للترشيحات.

ومن شهر مارس حتى شهر أغسطس، تتم مراجعة هذه القائمة من قبل مجلس الجائزة الدائم وبعض المعينين الموسميين للمراجعة، ولا يحق لهؤلاء إبداء الرأى فى الترشيحات، ولكن وظيفتهم فقط المراجعة العلمية والتدقيق.

ثم يأتى شهر أكتوبر من كل عام حيث يتم التصويت السرى على المرشحين والفوز بالأغلبية وليس بالإجماع، ولا توجد فرصة للاعتراض، ثم يتم الإعلان عن الفائزين فى مؤتمر صحفى. فى 10 ديسمبر من كل عام يقام احتفال نوبل المهيب فى أوسلو لتوزيع الجوائز.

انتبه.. أهم بند فى هذه الخريطة لعمل لجنة جوائز نوبل أنه لا يتم الإعلان أبداً عن المرشحين للجوائز الذين كانوا فى القائمة، بل تظل أسماؤهم سرية، ولا يجوز الإعلان عنهم إلا بعد خمسين عاماً أى 50 سنة، وهذا بند لا يتغير وأساسى فى قائمة ضوابط الجائزة.

إذاً القول بأن فلانا أو علانا مرشح لنوبل هو قول غير دقيق أو تخيلى إلى حد ما، حيث إنه لا يتم الإعلان عن المرشحين ثم عن الفائزين كما يحدث مثلاً فى جائزة الأوسكار... فقط فى نوبل يعلنون الفائزين.

وقد يطرح هنا قارئ كريم فضولى تساؤلا مشروعا «أمال إيه حكاية إسراء ووائل والأسوانى؟» دعنى أجب حضرتك بأن كل الحكاية أن رئيس معهد السلام بأوسلو كريستيان بيرج هاربيفكى، وهو معهد مستقل لا علاقة له بمؤسسة نوبل، قد صرح بأنه يتوقع «خد بالك من يتوقع» حصول أحد الأسماء التى ارتبطت بالربيع العربى سواء فى مصر أو تونس بجائزة نوبل للسلام، لما لها من تأثير فى جميع أنحاء العالم، وضرب مثلاً باسم وائل غنيم أو أعضاء من حركة 6 أبريل وشخصيات من تونس أيضا مثل الصحفية لينا بن مهنى، الرجل توقع ولكننا حولنا التوقع لحقيقة، والمصيبة الأكبر أنه حين تم إعلان الفائزين رحنا نحلل عدم فوز المصريين بأنه مؤامرة على الثورة المصرية.

وقامت أقلام وأصوات للأسف محسوبة على المثقفين والمتخصصين تدعونا لنظرية المؤامرة كأحد حملة الدال فى مركز الدراسات بالأهرام الذى صرح بأن نوبل منعت الجائزة عن المصريين لأن ثورتنا فضحت أمريكا مع نظام مبارك!! وزاد وأفاض الرجل - لا فض فوه - بأن الأوجب بالترشيح كان الشيخ صفوت حجازى لأنه كان الأكثر فاعلية فى الثورة فبدا وكأن الدكتور خلط بين نوبل وجائزة الأيزو المصرية للأكثر فاعلية!

ولم يكتف البعض بترويج نظرية المؤامرة علينا من الخارج، ولكنهم راحوا - بجهالة - يتآمرون بأنفسهم علينا، فقالوا إن نجيب محفوظ لم يحصل على نوبل إلا لأنه وافق على التطبيع.. محفوظ - يا سادة - حصل على جائزة نوبل فى الأدب وليس السلام، فحتى حين نفخر بمصرى حصل على الجائزة عن استحقاق يأتى من بيننا من يشكك فيها.

مصر لم تفز إلا بجائزة نوبل للأدب، فمن المثير وغير اللائق أن نملك كل هذه المقدرة على التزييف أوالجهالة أوحتى قلة الأدب تجاه نوبل وجائزته.. لعن الله أمة قل عملها وكثر جدالها.