اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 12:55 م

منع التمييز بين المصريين

الأحد، 18 يوليو 2010 07:16 م

دُعيت منذ ثلاثة أعوام للمشاركة فى ورشة عمل لإعداد مشروع لتفعيل مبدأ المواطنة ومنع التمييز بين المصريين على أى أساس. مشروع القانون كان من المفترض أن يتقدم به المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى مجلس الشعب لإجازته، ولا أدرى لماذا لم يتم عرضه حتى الآن، وبعد ذلك ناقشنا مع مجموعة مصريين ضد التمييز الدينى هذا القانون، مع د. منى ذو الفقار وهى سيدة يشهد لها الجميع بالخلق الرفيع والجدارة فى القانون وأيضا لصياغتها هذا القانون بكل تسامح ليضع المصريين جميعا فى ميزان العدل، ويحاسب أى مواطن فى أى موقع مسئول يميز ضد أى مواطن آخر على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو المكانة الاجتماعية أو الظروف الصحية.

وقالت د. منى إن تحويل مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بمفهومها العام إلى قواعد تشريعية تفرض التزامات محددة وتضع عقوبات على مخالفيها، بما يضمن تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين بمعناه السلبى، الذى حظره الدستور وإنه سيكون مصحوبًا بآليات رقابية، لضمان تنفيذه وعقاب المخالفين، حتى لا يتحول كبقية القوانين غير المفعلة، مشيرة إلى إنشاء لجنة لتكافؤ الفرص ومكافحة التمييز، يتميز أعضاؤها بالاستقلالية والحياد والسمعة الحسنة والخبرة فى مجال حقوق الإنسان.

وتعجبت وقتها من اقتراح تشكيل مفوضى هذه اللجنة من أن ربعها سيكون مفوضا بمعرفة مجلس الشعب والربع الثانى مفوضا بمعرفة مجلس الشورى والربع الثالث مفوضا بمعرفة المجلس الأعلى للقضاة والربع الأخير بمعرفة من المجلس القومى للمرأة.

وكان سؤالى باستثناء المرأة، وهو الشىء الإيجابى كأقلية مميز ضدها فى اللجنة المقترحة، فأين تمثيل باقى الأقليات؟ فى لجنة مثل هذه لابد من تمثيل للأقليات حتى يشعروا بمعاناتهم، وإلا سنواجه مرة أخرى بعدم تفعيل القانون أو مواد الدستور التى تركز على حرية العقيدة، مثلما يحدث الآن مع البهائيين المصريين. فعلى الرغم من وجود مبدأ المواطنة والذى يعتبر أهم مبدأ فى الدستور المصرى، ولذا وضع على رأس كل مواده وعلى الرغم من وجود مواد مثل المادة 40 و 46 والخاصة بحرية العقيدة والمساواة بين المصريين والمادة 151 والتى تنص على أن المواثيق الدولية التى صادقت عليها مصر وعلى رأسها العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، تصبح مندمجة فى القانون الداخلى وجزء من التشريع المصرى.

بالإضافة أيضا إلى وجود حكم قضائى يلزم الأحوال المدنية بإصدار بطاقات رقم قومى للبهائيين توضع بخانة الديانة خط (شرطة)، وقد أصدر بعدها السيد وزير الداخلية مشكورا قرار رقم 520 لسنة 2009 بإصدار أى أوراق ثبوتية للمواطنين المصريين الذين يدينون بغير الديانات الثلاث، ومع ذلك تمتنع الأحوال المدنية عن إصدار رقم قومى، والسبب خانة الحالة الاجتماعية، فبعد أن عانينا سنوات بسبب خانة الديانة أصبحنا الآن حبيسى خانة الحالة الاجتماعية. فهناك حالات رٌصدت بالفعل من قبل منظمات حقوق الإنسان بمصر من وجود تمييز ضد البهائبيين المصريين يتضح فيها أن هناك تعنتا فى استخراج الأوراق الثبوتية.

إن سبب المعاناة ليس فى غياب القوانين التى تحمى حقوق الإنسان، ولكن تأتى المعاناة فى التعنت فى تطبيقها من المسئولين عن تنفيذها، وخاصة النصوص الخاصة بحرية العقيدة التى لو فٌعلت ستختفى أزمة البهائيين. لذا كلى أمل فى إعداد ورش عمل خاصة للمسئولين عن تطبيق القوانين للالمام بنماذج من احكام القضاء المفسرة لحقوق الإنسان وبعض أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى جانب التفسير الذى أعدته لجان الأمم المتحدة ووكالاتها لنصوص العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.

ولكى يرى القانون النور بكل إنصاف، أتمنى أن يحتوى على العناصر الواردة فيما يلى: أولا- يكون تمييزاً مخالفاً للقانون ومشوباً بالبطلان المطلق كل عمل أو امتناع عن عمل ينطوى على معاملة شخص أو جماعة على نحو مخالف للمعاملة التى يُعامل بها أشخاص آخرون، إذا ترتب عليه الحدّ أو الحرمان من التمتع بواحد أو أكثر من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وكان مرجعه إلى أسباب تتعلق بالجنس أو الأصل أو اللون أو الدين أو العقيدة أو الرأى، لا فرق فى ذلك بين أديان معترف بها وأخرى غير معترف بها، أو بين دين رسمى وآخر غير رسمى.

ثانيا - فى كل موضع من مواد هذا القانون تذكر فيه حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تعنى مجموع الحقوق والحريات الواردة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والباب الثالث من الدستور.

ثالثا: لا يتصور قانوناً ولا خلقياً أن تتعهد الدولة إزاء المجتمع الدولى باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ثم تقوم داخلياً بنقض هذا العهد والإعراض عن التزامها الدولى، بمخالفة أو إبطال أو إهمال تطبيق النصوص الواردة فى العهد المذكور. وترتيباً على ذلك يجب أن ينص مشروع القانون المقترح على أن: «صدور أى عمل أو امتناع عن عمل من موظفى الدولة والمسيرين لشئونها متضمناً لصورة من صور التمييز بين المصريين، يُعتبر عملاً مخالفاً للقانون صادراً منهم شخصياً، قد تترتب عليه مسئوليتهم جنائياً، كما تترتب عليه مسئوليتهم مدنياً فى مواجهة من يصيبه ضرر من جراء هذا التمييز. ولا يُعتبر وجود أوامر أو تعليمات من رؤسائهم مبرراً لمخالفة القانون.

رابعا: لابد أن ينص مشروع القانون على بطلان أى عمل أو إجراء يتضمن تمييزاً فى المعاملة بين المصريين وفقاً للتحديد السابق، سواء كان ذلك قراراً إدارياً، أو عقداً، أو لائحة إدارية، أو تعليمات من رئيس لمرؤسيه، ويكون مثل هذا الإجراء عديم الأثر قانوناً، وكل من يقوم بتنفيذه يكون مسئولاً عن تعويض من يلحقهم ضرر من هذا التنفيذ.

خامسا: يجب أن يحظر مشروع القانون كل قول أو فعل يدعو إلى التمييز أو يحث عليه أو يمدحه سواء كان ذلك بالكتابة أو القول أو الرسم أو أى وسيلة أخرى للتعبير. ويتحمل الفاعل تعويض المتضررين من عمله مدنياً، دون أن يجوز له التمسك بحرية الرأى أو التعبير، حيث إن مواثيق حقوق الإنسان لا تجيز التمسك بالحقوق والحريات الواردة فيها إذا كان الهدف هو العمل على تقويض هذه الحقوق والحريات.

وأخيرا يعتبر الناشر والمذيع والمروج والممول لأى من الأعمال الوارد ذكرها فى الفقرة السابقة شريكاً فى التمييز، ومسئولاً عن تعويض المتضررين منه بالتضامن مع الفاعل الأصلى.

إننى آمل فى خضم استمرار التمييز ضد البهائيين من قبل مصلحة الأحوال المدنية، أن يرى قانون منع التمييز بين المواطنين النور قريبا، لكى يعمل على تعزيز المساواة بين المواطنين ويضمن تكافؤ الفرص ويعاقب كل من يتسبب فى التمييز لأى مواطن مصرى، حتى تنول الأقليات المميز ضدها وخاصة الأقليات الدينية كامل حقوق المواطنة، على أن يمثل الأقليات فى اللجنة التى ستتولى تطبيق هذا القانون.