السبت 2025-03-15

القاهره 01:57 ص

الجندى المختطف جلعاد شاليط

محمد الطواب يكتب: هيا الحداية بترمى كتاكيت!!


الخميس، 31 ديسمبر 2009 01:44 م

نقول فى أمثالنا الشعبية "هيا الحداية بترمى كتاكيت!!"، وأيضا "لو كان فيه خير ما رماه الطير" وأخيرا مثل آخر يقول يا مستنى السمنة.. إلى آخر المثل المعروف والذى لا يمكن استكماله على هذه السطور حتى لا نتهم بقلة الأدب.. المهم والخلاصة هنا أن كل هذه الأمثال تؤدى فى النهاية إلى شىء واحد وهو استحالة حدوث شيئا من جهة ما وهذه الجهة ما هنا هى الدول الصناعية الكبرى الأوروبية وغير الأوروبية فى العالم الأول المتمدين.. وما نؤكد عليه هو استحالة أن تلقى لنا دول العالم الصناعى الكبرى ببعض من صناعاتها واستثماراتها فى مصر أو دول العالم الثالث من أجل سواد عيوننا أو، لأن الحداية أصبحت تلقى كتاكيت....

والحقيقة أن أغلب ما يأتينا من استثمارات صناعية من الغرب ويتشدق بها بعض مسئولى حكوماتنا المتعاقبة ويتفاخرون بما حققوه من إنجازات ونجاحات فى جذب استثمارات صناعية إلى مصر ما هى إلا مشروعات أو استثمارات فى مجالات صناعية لا يستطيع الغرب إقامتها فى بلاده لسبب أو لآخر أو لعدة أسباب مجتمعه ومن هذه الأسباب وهو الأخطر على الإطلاق هو التلوث، ومن هذه الصناعات التى جاءت إلى بلادنا بشكل موسع صناعة الأسمنت ففى السنوات الأخيرة زاد عدد مصانع الأسمنت بشكل ملفت للنظر فى مصر ، نتيجة لرغبة الدول الكبرى فى التوقف عن إنتاج الصناعات الملوثة للبيئة، على أن تستعيض عن ذلك بإنتاج هذه السلع فى بلاد العالم الثالث مثلما يحدث الآن فى مصر، وكما فعلت أمريكا، حينما نقلت مصانع الأسمنت إلى المكسيك، متعللة بخلق فرص عمل واستثمار فى المكسيك وأسباب أخرى واهية لإخفاء الحقيقة تماما كتلك التى نسمعها هنا عندما يأتونا فى كل مرة بصناعة جديدة إلقامها إلينا الغرب، خوفا من التلوث وحفاظا على البيئة عندهم أما نحن فلا شىء يهم فكما ثبت لحكوماتنا المتعاقبة أن معداتنا تهضم الزلط فهى تحاول أيضا أن تثبت أننا نتحمل أى قدر ممكن من الملوثات ولا يحدث لنا شىء بدليل تزايد أعداد المصابين بأمراض الفشل الكلوى والسرطان يوما بعد يوم.

وللعجب الذى لن يكون له مكان بين هذه السطور حين نتساءل مع زيادة عدد مصانع الأسمنت كان لابد وأن تنخفض أسعاره فى الأسواق المحلية، ولكن كيف يحدث هذا فإن الأسمنت على كثرة إنتاجه ليس من أجل عيون الشعب المصرى فهو للتصدير إلى أصحابه الذين دفعوا الاستثمارات الضخمة لينتجوه فى مصر بعيدا عن التلوث، وأسعار الأسمنت فى ارتفاع مستمر على عكس المفروض أن تقل أسعاره مع زيادة عدد المصانع، ولكن كما ذكرت أن السبب الخفى أن هذه المصانع فى مصر تنتج لصالح دول العالم الأول التى استغنت عن إنتاجه فى بلادها، وهذا ما يفسر غلاء أسعار الأسمنت المتبقى فى مصر بعد التصدير.

وفى الاتجاه نفسه أيضا قام العديد من الدول المتقدمة بالتوقف عن صناعة السيراميك على أراضيها، لأنها أيضا من الصناعات الملوثة للبيئة، ويؤكد بعض الخبراء أن بعض مكونات السيراميك تصدر عنه أو منه بعض الإشعاعات الذرية الضارة ولذلك نجد أن كثير من خبراء هذه الصناعة وباحثيها كثيرا ما ينصحون الناس الذين يغطون أرضيات بيوتهم بالسيراميك بضرورة تهوية الأماكن التى بها سيراميك بشكل يومى ومستمر للتخلص من الإشعاعات التى تصدر عن هذا المنتج الجميل.

ويتباهى ويتفاخر منتجو السيراميك عندنا ولا نعرف أن كان هذا عن جهل أو عن قصد بأنهم يقومون الآن بتصدير السيراميك إلى بلاد السيراميك فى اليابان ودول أخرى على مستوى العالم.. وبالطبع لا يذكر هؤلاء لماذا تستورد اليابان أو غيرها منهم هذا السيراميك..

يدعون أن السبب وراء ذلك هو رخص سعر المنتج فى مصر جودته العالية روعة تصميماته،ويخفون السبب الحقيقى الذى أبر هذه الدول الرائدة فى هذه الصناعة أن تستورد من مصر.. أنه السبب نفسه وللأسف صناعة السيراميك صناعة ملوثه للبيئة، مما حدا بهذه الدول التقليل إلى أقصى حد ممكن من إنتاجه واستيراده من دول العالم الثالث ومنها مصر بالطبع.

وهناك أيضا اتجاه ثالث للاستثمارات الأجنبية من دول العالم الأول فى مصر، ولكن الأسباب هذه المرة مختلفة إلى حدا ما، وهى الاستثمارات فى مجال تصنيع الملابس الجاهزة.. ومن الأسباب الحقيقية هذه المرة هو فعلا رخص الأيدى العاملة المدربة فى مصر.. وقرب مصر من أسواق أوروبا وباقى دول العالم... وغيرهما أيضا من الأسباب الحقيقية لجذب هذه الاستثمارات إلى مصر..

ومن فوائدها توفير فرص العمل لكثيرين، ولكننا هنا أيضا يجب أن نحذر ونذكر بأن الحداية لا ترمى كتاكيت، لأن فى معظم الأحيان تعتمد هذه الصناعة على الخامات التى ترد من الخارج وليست المحلية، مما يعد تهديدا خطيرا لصناعاتنا المحلية التى لا تستطيع المنافسة مع مثيلاتها من المواد الخام التى تستورد من الشرق الأقصى كالأقمشة والغزل والزراير والإكسسورات وغيرها من الخامات اللازمة لهذه الصناعة.

نرجو من السادة المسئولين عن الصناعة والتجارة والاستثمار فى مصر أن يتوقفوا عن تزيين كل ما يأتى من الغرب وألا يجلبوا لنا المزيد من الصناعات الملوثة للبيئة فلسنا محطة نفايات الغرب، وكفى تذرعا بحجج الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل جديدة وخلافه، وأن يدركوا تماما بأن الجميع يعلم تماما أن "الحداية لا ترمى كتاكيت، إلا إذا كانت ميتة وعندها أنفلونزا الطيور..

AMP