السبت 2025-03-15

القاهره 10:29 م

د.حسن فرحات يكتب:كشف حساب مبدئى وطلب صرف مكافأة


السبت، 19 ديسمبر 2009 06:33 م

هيا نحاول عمل كشف مبدئى بخسائر و(أرباح) هذه المعركة الكروية غير المسبوقة التى دارت رحاها على أرض أم درمان. لقد ساءت العلاقات بشكل عام بين مصر والجزائر، وبشكل غير مسبوق. قد لا تكون العلاقات السياسية الرسمية قد ساءت بالدرجة نفسها، بل ربما لم يصبها الشىء الكثير، لكن كافة العلاقات الأخرى ساءت وعلى كافة الأصعدة، الرياضية والفنية والتعليمية، بل وتأثرت سلبا المصالح المصرية الاقتصادية بالجزائر.

ناهيك عن الدمار الذى حاق بالعلاقات الشعبية، حيث تم النفخ بشدة فى نيران الفتنة لإذكاء روح الكراهية بين الشعبين، ولدرجة مخيفة أعتقد أنها لم تحدث من قبل بين بلدين.

وبعيدا عن التفسير السياسى الهزيل للأحداث إلهاء وتلميع وتمهيدا لتحركات وانتخابات فقد أساءت هذه الأزمة بشدة إلى صورة المصريين فى الخارج بشكل عام، وأساءت إلى صورة وزارة الخارجية وسفرائها، بل أخشى أن تكون قد أساءت لجهاز المخابرات الذى يكن له الجميع كل تقدير.

لقد أثبتت هذه الأزمة أن إعلامنا بحاجة إلى إعادة نظر شاملة بدءا من القمة، ومرورا بالسادة المستشارين الإعلاميين بالخارج، وحتى أصغر صحفى أو مذيع. لقد أثبتت الأزمة أن الكثيرين من العاملين فى حقل الإعلام عندنا يحبون أنفسهم وقنواتهم وجرائدهم بصورة أكبر كثيرا من حبهم لمصر، أحس أن اللهاث المرضى نحو ما يسمونه السبق الصحفى أو التليفزيونى قد أصابهم بسهم مسموم فى قلوبهم الوطنية، وضمائرهم الإنسانية، بل وأصابت درجة حرفيتهم أو مهنيتهم، إن كانوا يتمتعون بها أصلا.

ما كل هذه الخسائر الجسيمة، والسبب مباراة كرة! فالكل خاسر، باستثناء الإعلاميين المشار إليهم فيما سبق، بالإضافة إلى طرف وحيد، لم يخسر فى هذه القصة وبالتحديد هو اتحاد كرة القدم المصرى!! إنه لم يخسر فقط، بل وحظى بمقابلة السيد الرئيس!

لقد خرجنا وبشكل سئ، من كأس العالم للشباب دون العشرين عاما، دون أن يكون هناك أى حساب، بل وبشعارات براقة كاذبة، من أبرزها ضرورة التركيز على الحلم، أقصد حلم الوصول لكأس العالم، فلا صوت يعلو على صوت هذا الحلم، ومع ذلك تبخر الحلم ولم نصل، وليس هناك حساب أيضا، لسببين، أولهما ما حدث فى السودان، كشماعة عظمى، والثانى ضرورة التركيز على الحلم الجديد، وهو أنجولا. أنا لا أقصد على الإطلاق اتهام هذا الاتحاد بالتحريض، لا سمح الله، ببساطة لأنه أضعف من ذلك كثيرا، وليته يستطيع فقط أن يدير مسابقاتنا المحلية بنجاح، لكن ما حدث كان بمثابة بوابة الهروب الكبير من تحمل مسئوليته فى تحقيق ذلك الفشل الذريع، ينبغى ملاحظة أن الاتحاد استفاد، وربما أفاد معه الجهاز الفنى للمنتخب الأول، بل ونال جانبا من الخير المدرب العام لفريق الشباب الذى فشل هو الآخر ومع ذلك تمت ترقيته ليصبح المدير الفنى، ورغم كل ذلك فقد خسر اللاعبون جميعا، خاصة الكبار والمجيدون منهم.

وأخيرا يركز الجميع على الفائدة الوحيدة التى حققناها، وهى اكتشاف معدن هذا الشعب، وأنه يحب مصر، وكأنه لم يكن يحبها من قبل، وكأنه لم يثبت ذلك من قبل وعبر آلاف السنين، بل وأثبته لمجرد التعادل مع هولندا 1990، ثم عقب الفوز ببطولتى 2006 و2008.

وعلى كل لا بأس فهذا شىء إيجابى محمود، ولذلك فإننى أرى أنه قد آن الأوان كى نكافئ هؤلاء الناس الطيبين جميعا على هذا الحب الجارف والولاء النادر لبلده، فى شكل قرارات عليا تثلج صدور الناس، وربما تدفعهم للخروج فى تظاهرات فرح وحب أكبر وأقوى، وعلى سبيل المثال، البدء فى تنفيذ واحد أو أكثر مما يلى:
• تفعيل مادة المواطنة فى الدستور، خاصة تفعيل مادة إزالة الملصقات، أيا كانت، من كافة السيارات، وبحيث لا نرى علامات النيابة والقضاء والنسر (والزجاج الفيميه) وخلافه.
• تأجيل تطبيق قانون الضريبة العقارية لفترة معقولة، أو حتى إلغاؤه تماما.
• البدء فى حركة منظمة لإعادة الانضباط للشارع المصرى.
• تحرير كافة الكبارى من البلطجية الذين احتلوها جهارا نهارا، وتحت أبصار الجميع، وحولوها إلى مقاهى وكازينوهات كريهة.
* أستاذ الإدارة وخبير التطوير التنظيمى

AMP