أكرم القصاص - علا الشافعي

أب و أم يتركان طفلهما دون طعام 9 أيام كاملة فيموت جوعا.. المشرع وضع الجريمة فى مسمى "القتل بالامتناع".. صعوبة إثبات القصد الجنائى ومحكمة النقض تتصدى للأزمة

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020 12:00 ص
أب و أم يتركان طفلهما دون طعام 9 أيام كاملة فيموت جوعا.. المشرع وضع الجريمة فى مسمى "القتل بالامتناع".. صعوبة إثبات القصد الجنائى ومحكمة النقض تتصدى للأزمة محكمة
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تطورت جريمة القتل ابتداءَ من قتل ابنى آدم أحدهما للآخر حتى وقتنا الراهن تطورا هائلاَ تكاد معه التشريعات الجنائية سواء على الصعيد الداخلى أو على الصعيد الدولى أن تقف عاجزة عن الإحاطة بجميع صورها، الأمر الذى يتطلب من الفقه أن يلعب دوره المهم فى تزويد المشرع وإرشاده إلى كل التطورات الحاصلة بالمجتمع سلباَ وإيجابا.

تركا طفلهما دون إطعام لمدة 9 أيام كاملة حتى مات جوعا

نيابة مركز شرطة طوخ قررت حبس كلا من "ع ح" 28 عاما عامل وزوجته "ا ش ع " 24 عاما ربة منزل 4 أيام على ذمة التحقيقات لتسببهما فى وفاة نجلهما الطفل "أنس" 4 أشهر بعدما تركاه دون إطعام لمدة 9 أيام كاملة حتى مات جوعا، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات أن الزوجين تركا طفلهما الرضيع 9 أيام وحيدا داخل الشقة دون إطعام حتى مات من الجوع، وأن الزوجين وصلت الخلافات بينهما لحد العناد، حيث أكدت الزوجة فى أقوالها أن زوجها دائم التعدى عليها بالضرب والتقليل مما تقوم به وكذلك الزوج الذى أكد أن زوجته دائمة الطلبات ودائمة الشكوى من العيشة معه. 

202009241244104410

ووصل العناد بينهما لدرجة دفعت الزوجة إلى ترك منزل الزوجية واصطحبت معها ابنها الأكبر "مروان"، مدعية أنها ستحضر بعض طلبات المنزل إلا أنها توجهت لمنزل أسرتها وتركت الرضيع لزوجها، إلا أن الزوج توجه هو الآخر لعمله الذى يمكث به لمدة أسبوع وتركا الطفل وحيدا بالمنزل لمدة تخطت الأسبوع دون طعام ليلقى ربه جوعا.

التكييف القانونى لوفاة الطفل

فى التقرير التالى يلقى "اليوم السابع" الضوء على عقوبة والد ووالدة رضيع توفى جوعا بعدما تركاه 9 أيام بدون طعام فى القليوبية، حيث يدخل ضمن هذه الجرائم جريمة القتل بالامتناع أو الترك أو كما يطلق عليها من قبل بعض الفقهاء القتل بطريق سلبى أو بأسلوب سلبى هو أحد نتاجات تطور المجتمع، وفى الحقيقة هناك حقائق روحية وأخلاقية أشد تأثيراَ فى حياتنا من تلك الوقائع المادية، وهو ما يجعلنا نقول إن القتل أو الإيذاء بالامتناع يوازى ما يقع منه بالفعل الإيجابى، فقتل الأم لوليدها خنقاَ قد يكون أرحم من منع الطعام عنه والشراب لمدة قد تطول حتى الموت، وقتل الممرضة لمريضها بالسم أو بالخنق أو بآلة حادة قد يكون أخف وطأة من منع الدواء عنه، والمتأمل فى هذه الأمثلة يجد أن النتيجة واحدة إلا أن إحداها تطول مدته فيزيد فيها العذاب والأخرى عكس ذلك – بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد الصادق. 

61664-حليب

فى البداية - فى جريمة القتل بالامتناع، من تضارب الآراء فى إمكانية تجريم الفعل السلبى إذ يذهب جانب من الفقه إلى عدم الإقرار بوجود جريمة القتل بالامتناع، وفى الفترة الأخيرة تزايدت عدد جرائم الامتناع وإفلات عدد كبير من المجرمين من العقاب بسبب قلة اهتمام المشرع بذلك مقارنة بالجرائم الإيجابية، مع عدم وجود نص صريح فى القوانين بشأن علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة الإجرامية – وفقا لـ"الصادق".

جريمة القتل بالامتناع

الأصل فى القتل أن يقع بفعل إيجابى وقد ثار السؤال هل يقع بالامتناع مثل الأم التى تمتنع متعمدة عن إرضاع صغيرها حتى يموت، والممرضة التى لا تعطى متعمدة الدواء للمريض حتى يموت، أو رجل الإطفاء الذى يمتنع عن إنقاذ عدوه الذى حاصرته النيران بقصد قتله، حيث ذهب الرأى الراجح من الفقه الجنائى إلى أنه يقع القتل بالامتناع مثل القتل بفعل إجابى إذا كان الجانى قد أخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه من الموت.

40887-11111111111111

ويترتب على ذلك أن الأم التى تمتنع عن إرضاع طفلها أو عن قطع حبله السرى بقصد قتله تسأل عن قتله عمد، كما يسأل عن القتل العمد كذلك من يعهد إليه برعاية مريض عاجز عن الحركة، فامتنع عمدا عن تقديم الطعام والدواء له فمات، ومعلم السباحة الذى امتنع عمدا عن إنقاذ تلميذه فغرق فى مثل هذه الحالات وغيرها نكون إزاء اعتداء على حق الإنسان، أو بالأحرى المجنى عليه فى الحياة، فيسأل الممتنع عن جريمة القتل العمد، طالما توافر لديه قصد القتل، أى إرادة إزهاق روح المجنى عليه، فإذا انتفى القصد من مسلكه فإنه يعد قاتلا بإهمال.

وعندما لا يكون على الممتنع التزام قانونى أو تعاقدى بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه فإنه لا يسأل عن القتل العمد، حتى لو توافر لديه القصد الجنائى، كما لا يسأل كذلك عن القتل مع الإهمال، وعلى ذلك لا يعد قاتلا من يرى ضريرا يسير بالقرب من حفرة فلا يحذره وترتب على ذلك أن سقط فيها ومات، كما لا يعد قاتلا كذلك من يرى شخصا يشرف على الغرق، أو إنسانا تحيط به أو حاصرته النيران ولا يتقدم لإنقاذه، إذ أن القانون لا يفرض على الناس الشجاعة ولا التضحية، خصوصا إذا اقترنت بقدر من المخاطرة ولو يسير.

74002-ضبط-ربة-منزل

موقف القضاء المصرى من مسألة القتل بالترك أو الامتناع

أما فى خصوص موقف القضاء المصرى من مسألة القتل بالترك أو الامتناع، فإن الحالات التى عرضت عليه نادرة يصعب معها استنباط اتجاه قضائى عام فى خصوص هذه المسألة، من ذلك ما قضت به محكمة جنايات الزقازيق فى 9/2/1925 من براءة أم من تهمة القتل العمد كانت قد تركت وليدها يهلك بعد ولادته مباشرة، فهى – على حد قول المحكمة – لم ترتكب عملا إيجابيا يستفاد منه قصد القتل، بينما قرر قاضى الإحالة بمحكمة المنيا فى حادثة أم لم تربط الحبل السرى لوليدها حتى مات اعتبار الواقعة جنحة قتل خطأ لأنه رجح انتفاء القصد الجنائى لديها.

وفى إحدى القضايا ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أن تعجيز شخص عن الحركة بضربه ضربا مبرحا وتركه فى مكان منعزل محروما من وسائل الحياة بنية القتل يعتبر قتلا عمدا متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال، ويرى الفقه الراجح لدينا أن هذا الحكم لا يعد سابقة مؤكدة تدل على اعتناق محكمة النقض الاتجاه السائد فى الفقه، فقد اختلطت أو تداخلت الأفعال والمواقف السلبية المسندة إلى المتهم مع أفعال إيجابية متعددة، وكلها كان لها دورها الواضح فى إحداث الوفاة، وهو ما يرفع عن الحكم دلالته على تجاه المحكمة.

261396-iStock-179232658

ويشار إلى أن الامتناع عن الإغاثة يعبر عنها الامتناع عن إغاثة ملهوف فى كارثة أو جريمة، فإذا امتنع أو توانى الشخص بدون عذر من إغاثة ملهوف فى كارثة أو مجنى عليه فى جريمة، فإنه يقع تحت المسئولية الجنائية ويعاقب بالعقوبة المقررة لها، وشروط تحقق هذه الجريمة هى: وقوع كارثة أو حادثة تهدد حياة شخص أو صحته، وعدم تقديم الشخص المتهم العون بنفسه أو طلبها من الغير، مع قدرته على ذلك، وأخيراً أن يكون هذا الامتناع إراديا وعمداً.

محكمة النقض تتصدى للأزمة

الأصل فى القتل أن يقع بفعل إيجابى وقد ثار السؤال هل يقع بالامتناع مثل الأم التى تمتنع متعمدة عن إرضاع صغيرها حتى يموت والممرضة التى لا تعطى متعمدة الدواء للمريض حتى يموت أو رجل ألمطافى الذى يمتنع عن إنقاذ عدوة الذى حاصرته النيران بقصد قتله حيث ذهب الرأى الراجح من الفقه الجنائى ونحن معهم إلى أنه يقع القتل بالامتناع مثل القتل بفعل إيجابى إذا كان الجانى قد اخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه من الموت. 

 

محكمة-مصرية

ويترتب على ذلك أن الأم التى تمتنع عن إرضاع طفلها أو عن قطع حبله السرى بقصد قتله تسأل عن قتله عمد، كما يسأل عن القتل العمد كذلك من يعهد إليه برعاية مريض عاجز عن الحركة، فامتنع عمدا عن تقديم الطعام والدواء له فمات، ومعلم السباحة الذى امتنع عمدا عن إنقاذ تلميذه فغرق فى مثل هذه الحالات وغيرها نكون إزاء اعتداء على حق الإنسان، أو بالأحرى المجنى عليه فى الحياة، فيسأل الممتنع عن جريمة القتل العمد، طالما توافر لديه قصد القتل، أى إرادة إزهاق روح المجنى عليه، فإذا انتفى القصد من مسلكه فإنه يعد قاتلا بإهمال.

وعندما لا يكون على الممتنع التزام قانونى أو تعاقدى بالتدخل لإنقاذ حياة المجنى عليه فإنه لا يسأل عن القتل العمد، حتى لو توافر لديه القصد الجنائى، كما لا يسأل كذلك عن القتل مع الإهمال، وعلى ذلك لا يعد قاتلا من يرى ضريرا يسير بالقرب من حفرة فلا يحذره وترتب على ذلك أن سقط فيها ومات، كما لا يعد قاتلا كذلك من يرى شخصا يشرف على الغرق، أو إنسانا تحيط به أو حاصرته النيران ولا يتقدم لإنقاذه، إذ أن القانون لا يفرض على الناس الشجاعة ولا التضحية، خصوصا إذا اقترنت بقدر من المخاطرة ولو يسير.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة