"الجداوى" أقدم وكالة تجارية الأقصر تعود للحياة بعد 312 سنة.. كانت محطة القوافل التجارية من السودان وأفريقيا إلى مصر ومركز استراحة لكبار التجار.. بنيت فى 1712 ميلادية فى عهد العثمانيين على يد حسن بك الجداوى

الأحد، 28 أبريل 2024 10:00 ص
"الجداوى" أقدم وكالة تجارية الأقصر تعود للحياة بعد 312 سنة.. كانت محطة القوافل التجارية من السودان وأفريقيا إلى مصر ومركز استراحة لكبار التجار.. بنيت فى 1712 ميلادية فى عهد العثمانيين على يد حسن بك الجداوى الوكالة التاريخية
الأقصر – أحمد مرعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكثر من 312 سنة هو عمر واحدة من أقدم الوكالات التجارية التاريخية في مصر، وهى "وكالة الجداوى" التي تقع في مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، وكادت أن تدخل نفق الضياع لولا الخطة التي تم وضعها منذ عدة سنوات لإعادتها للحياة بأيدي مصرية خالصة وتم افتتاح تطويرها مؤخراً بحضور السفير الأمريكي ووزير السياحة والآثار وقيادات آثار إسنا الإسلامية والقبطية، وانطلقت بكل قوة في استضافة المعارض المتنوعة لتكون منبر ثقافى وتنموى مميز للشباب والسياحة في قلب الصعيد.

وفى هذا الصدد "يرصد "اليوم السابع" قصة وتاريخ وكالة الجداوى التراثية في مدينة إسنا، والتي تم بناؤها في عام 1207 هجرية وعام 1712 ميلادية، وهى الوكالة العثمانية التي بنيت على الطراز المملوكى على يد حسن بك الجداوى، وكانت محطة القوافل السودانية للصعيد لسنوات طويلة في تلك الفترة، حيث كانت ولا تزال تعتبر من أهم الوكالات التجارية التراثية والتاريخية الموجودة فى صعيد مصر.

وعن التطوير للوكالة يقول عمر فخرى الكوترى مفتش آثار بمنطقة آثار إسنا وأرمنت، أن خطة تطوير وكالة الجداوى التاريخية أعاد تراثها من جديد في قلب مدينة إسنا، عبر فتح أبوابها للسائحين من حول العالم من جديد، وتنظيم معارض مميزة داخلها لخدمة الشباب والحرفيين والمبدعين في قلب إسنا، موضحاً أن الوكالة الجداوى كانت قديماً لها عدة وظائف في المجتمع العثمانى والتي شملت المتاجرة والتبادل بين التجار من حول مصر والقادمين من الجنوب، بجانب كونها مقر سكن للإقامة للتجار خلال التواجد بإسنا بعد رحلاتهم في السودان وأفريقيا، حيث إن الوكالة أنشئت على يد حسن بك الجداوى عام 1712م، وقد كانت مملوكة لعلى بك، أحد أفراد حاشية محمد بك أبو الدهب، ومات بغزة مصابا بالطاعون عام 1215هـ/1800م.

وعن قصة دخول الوكالة للتطوير الشامل منذ عدة سنوات، يؤكد عمر فخرى لـ"اليوم السابع"، إنه تمت ملاحظة سوء حالة الواجهة الرئيسية الخاصة بها، ومبانيها، وظهور التشققات فى بعض جدرانها، إضافة لحدوث هبوط أرضى بأماكن متفرقة بها، وتقرر تطويرها بالكامل برعاية مشروع تطوير إسنا التاريخية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار لتعود كما كانت مركزاً تجارياً لتبادل المنتجات، حيث تتواجد الوكالة في مواجهة معبد خنوم الفرعونى بإسنا، وكانت تجمعاً لكافة التجار المصريين والأجانب الذين يمرون بالمدينة وكان يتم داخلها بيع المنتجات التى جلبوها من الدول الإفريقية، وتضم حوانيت عبارة عن محلات صغيرة الحجم يباع فيها الصمغ العربي وسن الفيل الإفريقية، ومنتجات متنوعة مثل ريش النعام

والبهارات والعطور وغيرها من المنتجات التي تم جلبها من دول أفريقيا المختلفة.
ويضيف مفتش الآثار بمنطقة آثار إسنا وأرمنت، أن وكالة الجداوى التراثية كانت تعتبر أضخم مراكز التبادل التجارى بصعيد مصر فى العصور القديمة، وبجانب عرض المنتجات القادمة من الجنوب مع التجار، كان يتم عرض أيضاً أبرز المنتجات التى كانت تصنع بأيدى الحرفيين بمدينة إسنا، والتي تشمل:- "سعف النخيل والأقمشة الحرير والقطن والجبة والقفطان والشال الصعيدى والكراسى والحقائب والسلات المصنوعة من سعف النخيل والأوانى الفخارية".
فيما صرح محمد محيي مفتش آثار بمنطقة آثار إسنا وأرمنت، أن وكالة الجداوى مسجلة فى تعداد الآثار الإسلامية القبطية بقرار رقم 10357 لسة 1953 ونشر بجريدة الوقائع المصرية، وتم تسجيل المكان بالآثار ويخضع للاشراف الباشر للوزارة، وكانت عبارة عن موقع للتعامل التجارى حيث يتم داخلها تبادل السلع التجارية، فى مجموعة من الحوانيت بالخارج والداخل للبيع والشراء بين مختلف ابناء مصر، والطابق الثانى كان عبارة عن غرف فندقية لكبار التجار القادمين لوكالة الجداوى للقيام بعمليات البيع والشراء والتجارة المختلفة فيما بينهم.
ويضيف محمد محيي، لـ"اليوم السابع"، إنها كانت من أشهر المباني التراثية والتي تحدث عنها علماء الحملة الفرنسية بصورة مميزة للغاية فى موسوعة (وصف مصر)، حيث قاموا بجمع كافة التاريخ المصرى القديم فيها خلال تواجدهم داخل مصر بفترة الإحتلال الفرنسى لمصر، وفندوا فى فصل كامل من الموسوعة قوة وتاريخ وجودة مبنى الوكالة، حيث أنها كانت تتكون من فناء كبير يحيط به رواق يوصل إلى جميع المحال التجارية بالطابق الأرضي، ويعلوه رواق آخر مشابهة يؤدى إلى مساكن التجار والمسافرين من القوافل التجارية التى كانت تصل الأقصر منذ أكثر من 300 سنة، وذكر الكتاب أن الوكالة واجهتها تطل على معبد إسنا بارتفاع 8 أمتار، حيث تعلو واجهة باب الوكالة عتبة من الخشب منقوش عليها النص التأسيسى لها بالحفر الغائر، كتب على جانبها الأيمن "نصر من الله وفتح قريب"، "وبشر المؤمنين يا محمد"، وسورة الإخلاص، ويوجد بداخلها طابقان يحتوى كل طابق على مخازن وغرف للعمال والمغتربين ومحلات تجارية، يفتح كل منها على ممر عبارة عن رواق مسقوف بـ"البراطيم" وجذوع النخيل، كما يوجد بها بهو مسقوف على شكل "صحن" مغطى على شكل مخروطي، وتتكون الوكالة من فناء كبير تحيط به المحلات التجارية، يعلو مدخلها "مكسلتان" من الأجر والطوب اللبن.


ومن الجدير بالذكر إنه تم العمل على تطوير وكالة الجداوى التاريخية بإسنا، ضمن مشروع "اكتشاف أصول إسنا التراثية والتاريخية" الذى يعتبر من الخطط العالمية التى أعادت إحياء كافة المواقع الأثرية والتراثية لخدمة السائحون الذين يتوافدون بصورة يومية على مرسى المدينة السياحية ضمن رحلات المراكب النيلية الأقصر – أسوان، وقامت كافة الجهات بمتابعة هذا المشروع الضخم والذى يتم خلاله إعادة الترميم والتأهيل فى منطقة "وكالة الجداوى" التاريخية، و"سوق القيسارية" و"محيط معبد خنوم" في مدينة إسنا، حيث أن المشروع يسمى (إعادة اكتشاف الأصول التراثية الثقافية بمدينة إسنا)، وتم بالتعاون مع كل من محافظة الأقصر ووزارة الآثار، حيث يتم تنفيذ هذا المشروع بتمويل من الجانب الأمريكى من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى إطار الاتفاقية المشتركة بين حكومتى جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاستثمار المستدام فى السياحة بمصر "سايت"، والذى هدف إلى زيادة تنافسية قطاع السياحة فى مصر من خلال رفع مستوى إدارة المواقع التراثية وترويجها والحفاظ عليها، لتحسين العوائد الإقتصادية لسكان المنطقة، وكان يهدف المشروع إلى إطلاق إمكانات التراث الثقافى المتنوع لمدينة إسنا بما يمهد لإعادة إحياء تلك المنطقة بصورة مستدامة، ووضع المدينة بما تشكله من معالم تراثية متميزة على الخريطة السياحية بمصر.
 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة