أحمد إبراهيم الشريف

ما لم تخبرنا به آمنة.. شهادة على العصر

الإثنين، 15 أبريل 2024 05:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انتهيت من رواية "ما لم تخبرنا به آمنة" للكاتبة رهام راضي، والصادرة عن دار نشر الرواق، والرواية ترصد حياة أسرة، بل حياة وطن، واجه وعافر، فرح وحزن، لكنه لم يستسلم أبدًا، هي رواية عن مصر منذ سنة 1919 وحتى 1967، بكل ما فيها من انتصارات وانكسارات، وقد دارت أحداثها ما بين بور سعيد والقاهرة.

ويمكن القول إن رهام راضي تملك مفهومًا عن الرواية، فتنطلق من الشخصيات تبنيها على مهل وتجعلها تنمو على مدى الرواية وتحملها أفكارًا وحياة، وتجعل منها صانعة للحكايات، وصاحبة المواقف، وبقدر تنوعها يكون ثراء العمل الروائي.

وفي رواية "ما لم تخبرنا به آمنة" نتحرك مع أسرة الرجل البورسعيدي "سيد حمودة" بكل ما يمثله من وطنية، ورغبة عارمة في التغيير، فهو الرجل المستعد لدفع الثمن كاملًا بشرط أن يتحقق النصر، وقد دفع من طفولته الكثير، فقد مات أبوه في ثورة 1919 وتركه طفلا لأم "بصيرة" فقدت بصرها منذ طفولتها، أم "أرمينة" لكنها صارت مصرية أصيلة، تحمل في داخلها إيمانها ورؤيتها، هي "آمنة"، كما فقد في كبره أيضا ما جعله راضيا بأنه قام بدوره كاملا تجاه الوطن.
نحن في الرواية نتتبع عائلة سيد التي تنمو يومًا بعد يوم، ومن خلالها نفهم الكثير من الأفكار التي كانت سائدة ومنتشرة، خاصة في فترة الأربعينيات وما بعدها، بل إننا نخرج من شقة سيد لنرى العمارة كلها، بكل سكانها وشخصياتهم المختلفة والمتنوعة ودوافعهم المغايرة، بل نخرج أوسع إلى بورسعيد مدينة الأحرار، ومنها إلى القاهرة فنعرف ما كان وما جرى، ومن خلف كل ذلك نراقب "آمنة" بأحلامها التي تقود مصائر الجميع.


ويمكن النظر إلى الرواية من خلال عدة محاور، منها اللغة، فقد استخدمت "رهام" لغة معبرة عما تريد قوله، لغة لم تخذلها أبدًا، استخدمتها بصورة مكتملة ومن خلالها منحت للشخصيات القدرة على  التعبير عن مشاعرهم، فجعلت "علية" تفهم نفسها، و"فردوس" تعرف كيف تشعر بفرحها وألمها وأحلامها وانكساراتها، وأم عثمان وحنينها الدائم لبلدها، وعنايات القادرة على وصف كل ما جري لها.


أما على مستوى الرؤية، فإن "ما لم تخبرنا به آمنة" قدمت صورة مكتملة للمجتمع المصري في تلك الفترة المهمة والخطيرة من تاريخ مصر، وقد اعتمدت شخصية "فريد" ابن سيد، لتجعلها العين التي ترصد من خلاله ما يحدث من تطورات في الحياة المصرية.


وهذه النقطة تجعلنا نتحرك إلى نقطة جوهرية في الرواية، نقطة تتعلق بالحقيقة والخيال، لقد اعتمدت رهام راضي على تواريخ حقيقية وأحداث واقعية، وقد اجتهدت في توثيق ذلك وتأكيده، فرصدت زيارات حقيقية قام بها المسئولون لمدينة بورسعيد، وتتبعت شوارع المدينة ووصفتها، وراعت المناسبات واليوميات ولم تدخر جهدًا في كل ذلك، فخرجت الرواية شاهدة على العصر(ثورات، وحكومات، وأحداث، وحروب) وفي الوقت نفسه لم تأت الرواية زاعقة وخطابية بل غلب الفن الذي صاغت من خلاله رهام الأفكار والرؤية.


طالما توغلت في الرواية فإنه بسهولة جدًا سوف تقع في محبة شخصيات الرواية، وستتعاطف مع أبطالها، وحتى الشخصيات الفرعية مثل "ميمي" الذي غرق في النيل ستندي عيناك بالدمع كلما جاءت سيرته، لكن ستظل "عنايات"  و"سيد" هما الشخصيتان الأكثر اكتمالًا في البناء، فقد تطورت شخصيتاهما مع الوقت.


إن رواية "ما لم تخبرنا به آمنة" عالم مكتمل صاغته رهام راضي، واهتمت بكل تفاصيله وسعت لتجعلنا نتعلق به ونؤمن بأنه شاهد على عصر مهم في تاريخنا وحياتنا.


 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة