دندراوى الهوارى

كل الحروب الكبرى اندلعت دون تخطيط.. ولأول مرة إسرائيل تخوض حربا مع غير العرب!

الإثنين، 15 أبريل 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الجنرال جون فريدريك تشارلز فولر «J.F.C. Fuller» الضابط السابق فى الجيش البريطانى، والخبير والمؤرخ العسكرى، الذى يُعد الأب الروحى لحرب المدرعات الحديثة، وذو التأثير الكبير فى بلورة استراتيجية الحرب الميكانيكية وخاصة فى ألمانيا والاتحاد السوفيتى فى الحرب العالمية الثانية، له كتاب بعنوان «إدارة الحرب» وهو من الكتب المهمة ويمكن توصيفه كمرجع لا بد لكل دارس للعلوم العسكرية أن يقرأه.


الجنرال فولر بدأ مقدمة كتابه بحكمة بليغة نصها: «إن إدارة الحرب كممارسة فن الطب».. فإذا كان طموح الطبيب والجراح هو وقاية المريض من أمراضه وتخفيف الأوجاع التى يعانيها، بل وشفاء الجسم الإنسانى منها بصورة عامة، فإن طموح رجل الدولة وطموح القائد العسكرى ينبغى أن يكونا وقاية الشعوب من الحروب التى تفرض عليها، وتخفيف حدة هذه الحروب، إذا وقعت.


ويقول: «لكن للأسف الشديد، أن هناك قادة دول لا تهتم بهذه القاعدة الذهبية، فعلى حين أصبح شفاء المريض منذ فترة قريبة عملا متقدما وإنجازا علميا، بقيت إدارة الحرب لغزا بربريا هدفه التدمير والقتل».


ويضيف الجنرال فولر: «أن مجريات الحربين العالميتين لنا فيهما عبرة وعظة، وفى نتائجهما المؤلمة المخربة والتى ما زالت آثارها المدمرة بين ظهرانينا، وهى نتائج تؤكد العقلية البربرية السائدة فى طريقة إدارة هاتين الحربين، سواء على مستوى رجال الدولة، أو على مستوى قادة الجيوش».


يواصل الجنرال فولر فى كتابه الرائع، كلامه قائلا: «إن الخوف من الدمار يمزق القلوب فى أيامنا هذه.. وليس هناك من علامات تؤكد احتمال استتباب الاستقرار والشعور بالأمن فى هذا العالم، ومرد ذلك الافتقار إلى الروابط الشريفة، أو روابط الاحترام الإنسانى، التى توحد الأمم وتجمعها».


وما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط منذ احتلال إسرائيل للأراضى الفلسطينية والعربية، بشكل عام، وحتى الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، كانت المؤشرات يوما بعد يوم تؤكد أن دائرة الحرب ستتمدد وتتشعب، وهو ما حدث بالفعل، حتى مساء أمس الأول عندما وجهت إيران سيلا من المسيرات والصواريخ البالستية من فوق أراضيها إلى قلب تل أبيب ومدنها وقراها.


وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الضربة الإيرانية، كسرت الحاجز النفسى، وحطمت الحسابات العسكرية والأمنية، وتجرأت لأول مرة فى تاريخها لتوجه ضربة لإسرائيل حتى ولو كانت رمزية غير مؤثرة، ما يشجعها على التكرار فى المستقبل، وفى المقابل تحاول إسرائيل توظيف هذه الضربة فى محاور ثلاثة:
الأول، استعطاف الرأى العام الدولى من جديد بعدما فقدته بحربها القذرة ضد الفلسطينيين.


الثانى، استثمار الضربة للحصول على أكبر دعم مالى وتسليح متطور تعوض بهما خسائرها الباهظة فى الحرب على غزة، مع وضع خطة للرد على طهران تعيد هيبتها من جديد.


الثالث، تهدئة الرأى العام الإسرائيلى الداخلى والذى بلغ ذروته الغاضبة مؤخرا من حكومة بنيامين نتنياهو.


الأمر الآخر المهم، أنه وبالعودة لتاريخ الحروب الكبرى نجدها قد اندلعت دون تخطيط مسبق، لذلك فإن محاولة البعض التقليل من الضربة الإيرانية واعتبارها مسرحية متفق عليها، بحيث تستفيد حكومة نتنياهو أكبر استفادة سياسية واقتصادية وعسكرية، داخليا وخارجيا، وأيضا النظام الإيراني، يحقق مكاسب تحسن وجهه أمام شعبه، وأمام أذرعه الباطشة خارجيا، ورسالة للولايات المتحدة الأمريكية، مفادها إننا قوى كبرى يجب وضعها فى الحسابات، إلا أنها بوادر نواة لحرب إقليمية مستعرة.


نعم.. الضربة الإيرانية فى كل الأحوال، فإنها استراتيجيا تعد مؤشرا قويا على اندلاع حرب إقليمية مستعرة، تعزز بقوة اندلاع حرب عالمية ثالثة مدمرة، سيعانى منها العالم لعقود طويلة، ولن يعود الأمن والاستقرار للعالم من جديد، بسهولة.


اللافت فى الأمر عسكريا واستراتيجيا أن الضربة الإيرانية نقلت ولأول مرة الصراع من كونه صراعا عربيا إسرائيليا، إلى صراع فارسى إسرائيلى، وهى نقلة جوهرية فى تاريخ الصراع الإسرائيلى، ودخول قوة جديدة على خط النار.


ويتبقى فى الأخير، تكرار المؤكد، والذى دائما ما أشير إليه، ولن أتململ من تكرار ذكره، مع كل حدث، وهو نعمة الجيش القوى.. الأحداث المشتعلة والمتسارعة مؤخرا، جعلت من الإقليم بركانا متفجرا، وعزز دور الجيوش واعتبارها عصب الأمة، وساعدها المتين، وأداتها القوية، بها تحقق الدول غايتها، وتصل إلى أهدافها ومقاصدها، وتحمى كيانها، وبدون جيش قوى تعتبر الدول بنيانا متداعيا، وكيانا هزيلا متهاويا، وبقدر ما تمتلك الدولة جيشا قويا مُعدا إعدادا كبيرا، تسليحا وعددا وتدريبا، بقدر ما تفرض هيبتها على الآخرين، لذلك فإن جيش مصر نعمة، وأن تسليحه كان فقه الضرورة وبُعد نظر النظام السياسى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة