حائزة على جائزة إحسان عبدالقدوس 2016...

قرأت لك.. "رواية السبية".. مجرمون يغسلون تاريخهم بالسياسة

الخميس، 03 أغسطس 2017 07:00 ص
قرأت لك.. "رواية السبية"..  مجرمون يغسلون تاريخهم بالسياسة  رواية السبية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تاريخ موحل توغل رواية (السبية) لأسامة الزينى الصادرة عن دار النسيم بالقاهرة مؤخراً، فى سرد وقائعه الصادمة. شخصيات متسللة وجدت ضالتها إلى عالم السياسة لتغسل فيه تاريخها غير المشرف. شخصيات آتية من عالم الجريمة والرذيلة دفعها طموحها إلى التسلل إلى مجتمع النخبة، واختراق الطبقات الاجتماعية فى رحلة صعود مشبوهة حاقدة، كشفت هشاشة تلك الطبقات، وأيضاً هشاشة الأحزاب السياسية، وتراجع تأثيرها فى الشارع المصرى، وتهافتها على الفتات الذى تلقيه إليها السلطة، وصراعاتها التى شرذمت وجودها فى المشهد السياسى إجمالاً؛ ما جعل الفرصة سانحة لطفو وجوه مشبوهة وأخرى بلا مقومات على سطح المشهد السياسى واحتلاله.
 
 "تاريخ من الجريمة المنظمة جعل من رجل المهام القذرة حسنى إدارة الشخص الأقدر على تنفيذ أكبر عملية تهريب آثار بعد الإشراف على التنقيب عنها، تحت حراسة ميليشيا مسلحة من المجرمين ومرشدى الشرطة، الحرس القديم لأمه إدارة، يُدارُون بإشارات متفق عليها بطرف إصبع حسنى إدارة المجرم نادر الطراز الذى اختصر سنوات كانت تحول دون اكتسابه ثقافة تعلم الذوق وانتقاء الملابس الأنيقة واختيار العطور المميزة، بالتعرف إلى إحدى البائعات فى محل فخم للمستلزمات الرجالية بالعاصمة، كان يغدق عليها من المال، وتغدق عليه من أحدث إصدارات أشهر بيوت الأزياء العالمية، بالإضافة إلى جلسات خاصة كانت تتولى فيها تلقينه دروساً فى طريقة ارتداء الملابس، وخلعها على نحو غير ذلك الذى اعتاده فى غرفته المتاخمة لمربط بِغال "إدارة" فى بيتهم القديم بدرب الجلاّلين".
 
ولا يكتفى الزينى برسم ملامح هذا التكوين الإجرامى لشخصية حسنى إدارة أمين الحزب الوطنى فى مدينة (كوم الحجر) وفق الأحداث التى تنتهى وقائعها بثورة شعبية فى المدينة شهدها عام 2011، الشخصية التى جمع فيها رذائل طبقة الأثرياء الجدد مجهولى الهوية الاجتماعية الذين قفزوا إلى مقاعد السلطة آنذاك، فيذهب إلى أبعد من ذلك فى أعماق بركة الأوحال التى طمر فيها شخصية حسنى إدارة حتى أذنيها فألحق بها قائمة من الرذائل الأخلاقية طالت أمه إدارة المرأة التى كان رجال غرباء يترددون عليها بعلم والده "مبروك" بائع الكبدة المتقاعد، وكان "رجلاً كالماء، لا لون له ولا طعم، لا يسمع له أحد صوتاً، يتحاشى إجرامها وإجرام أبنائها وألسنتهم الحادة وأيديهم التى لا توقر أباً ولا عماً ولا خالاً ولا أحداً سوى (إدارة) المرأة الحديدية التى لم يكن أحد يتصور كيف تزوجها رجل فى مسكنة مبروك"، وأخته "نوسة" العاهرة الصغيرة التى وجدت ضالتها فى صبيان أمها من العربجية الشبان فكانت تتردد على خرائب المدينة "برفقة بغال زريبة أمها الذين تسببت الصغيرة الشَّبِقة فى هياجهم". إلى أن انتهى بها المآل مذبوحة فوق كومة نفايات فى إحدى خرائب المدينة.
 
لكن حسنى إدارة المجرم المتطلع إلى الأخذ بالثأر من مجتمع احتقره نجح فى محو مشاهد تاريخه القذر الذى نسيته المدينة، باختراق طبقة النخبة السياسية فى المدينة، وخلخلة بنيتها الاجتماعية على نحو جعل جميع الرؤوس تستوى فى الأخير، فى مشهد سقوط عام للقيادات السياسية (الأحزاب)، والاجتماعية (الأسر التى تتوارث مقاعد البرلمان) فى المدينة، وبهذا ضمن أن "يصبح أحد الكبار فى يوم من الأيام، الحلم الذى ملأ أوردة حسنى الحاقد على مدينة دأبت على مناداته منذ الصغر بابن إدارة، وكأنه لا أب له، أو كأنه ابن أحد الرجال الذين كانوا يتناوبون على إدارة فى عنفوان عهرها ... فيثأر لعار السنين".
 
فازت رواية (السبية) بجائزة إحسان عبدالقدوس عام (2016) وهو العام نفسه الذى فاز فيه أسامة الزينى بجائزة ساويرس الثقافية عن مسرحيته (العرض الأخير).









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة