أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد المسلمانى يكتب: الإخوان والحداثة.. تقلبّات الحفيد.. طارق رمضان مؤلف كتاب "على خطى النبى" بات يمضى على خطى "النيويورك تايمز"

الأحد، 04 مايو 2014 11:30 ص
أحمد المسلمانى يكتب: الإخوان والحداثة.. تقلبّات الحفيد.. طارق رمضان مؤلف كتاب "على خطى النبى" بات يمضى على خطى "النيويورك تايمز" أحمد المسلمانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
( 1 )
يمتلك طارق رمضان مشروعًا فكريًا مهمًا، وتمثل قراءاته فى السيرة النبوية الشريفة وفى القيم العالمية للإسلام جهدًا متميزًا لا تُغفلُه عين، كما تمثل رُؤاه فى تحديث المسلمين وكسر المسافة بين الإسلام والحداثة عملاً فكريًا لافتًا.

إن جانبًا مما يطرح "رمضان" يثير الخلاف والاختلاف.. وقد لقى نقدًا من أطراف متعددة.. لكن مُجمل ما مضى من مشروعه يستحق النقاش.

ولقد وجدتُ أنه من المناسب أن أتابع أفكار وآراء طارق رمضان بعد ثورة 30 يونيو، وعمّا إذا كانت "الحداثة" قد تمكنت – حقًا – من "الأخونة"، أم أن "السياسى" عند طارق رمضان قد عاد ليطغى على "المفكر".

ولقد حزنت كثيرًا لأن طارق رمضان قد رسب فى الامتحان.. عاد "الأكسفوردى" إلى "الإخوانى"، وعاد "المفكر" إلى "الحفيد" وانهزمت "السيرة الأكاديمية" أمام "السيرة العائلية".

( 2)
تحدث طارق رمضان أمام عدد من المسلمين فى كندا.. ثم تحدث عن ثورة يونيو، وفاجأ الحضور بالقول: "إن المشير السيسى كان على اتصال بأمريكا وإسرائيل"، ثم قال: "إن زوجته كانت تذهب لزوجة مرسى لتعلُم القرآن".. "كان هذا الطاغية يتلاعب بمرسى.. إنه طاغية وكذاب".. ثم واصل القول: "لم أذهب إلى مصر بعد يناير لأن الجيش كان يلعب خلف الستار، وحكومتى قالت لى لا تذهب".

لم أصدق أن هذا هو طارق رمضان.. لم أصدق أن هذا هو مستوى معلوماته أو مستوى تحليلاته أو مستوى لغته وخطابه!

تصورتُ أن طارق رمضان قد يفاجئنا ويعلن قبوله لثورة يونيو، أو ألا يفاجئنا.. ويصفها بالانقلاب.. لكن اعتماد صاحب "الكونية والتنوع" على معلومات صفراء.. واتهامات ركيكة ثم وصفه الحكومة السويسرية بأنها "حكومتى".. كان ذلك فى مجمله.. صادمًا ومفزعًا.
تمنيتُ لو أن طارق رمضان لم يذهب إلى هذا المستوى.. وتمنيتُ لو أنه بقى مفكرًا إسلاميًا حداثيا.. ولكن صاحب كتاب "على خطى النبى".. مضى على خطى نيويورك تايمز.. ناقلاً لا ناقدًا.. وناشطًا لا مفكرًا!

(3)
من المناسب أن أعرض هنا هوامش من تناقضات الحفيد التى أتت على جانبٍ كبيرٍ من صورته.. على مستوى الفكْر وعلى مستوى الصدْق:

1.انتقد طارق رمضان جماعة الإخوان المسلمين التى أسسها جده حسن البنا وقال: "إن الإخوان يعانون من ركود فكرى.. وإن المناقشات التى كانت تجريها الجماعة على مدار خمسين عامًا لم تقدم جديدًا".. وقال فى حديث لمجلة "لوتون" السويسرية: "إن الإخوان ارتكبوا أخطاء فادحة خلال عام حكم مرسى.. وإن الإسلاميين فى مصر استخدموا ورقة الدين فى محاولة للعب دور حُرّاس الدين". وقال فى سياق آخر: "إن مرسى لم يستمع إلى صوت الشعب.. قراراته غير موفقة، والرؤية السياسية غائبة".. "أن تسمع الرئيس مرسى يقول للفريق السيسى قبل عشرة أيام من الإطاحة به.. أنه قد يلجأ إلى خفض رتبته العسكرية وأن أمريكا لن تسمح بحدوث انقلاب عسكرى.. فإن هذا أمر غريب ولا يُصدق. إن غياب الوعى السياسى لديهم كان مخيبًا ومدهشًا".. "فشل مرسى فى محاربة الفساد والفقر، واستلم –هو والجماعة- تحت وطأة الوضع الاقتصادى، وتخلّوا عن القضية الفلسطينية".

•وهكذا فإن حفيد حسن البنا يرى أن الرئيس السابق محمد مرسى بلا مزايا تقريبًا، وأنه وجماعته فشلوا فكريًا وسياسيًا على نحو يثير الدهشة.. غير أنه يرى أن خروج الشعب لإسقاط النظام كان انقلابًا عسكريًا!

2.يرى طارق رمضان أن (25 يناير) ليست ثورة.. وإنما هى انقلاب عسكرى. يقول "رمضان": "إن شباب 25 يناير هم جزء من مؤامرة إمبريالية قادتها أمريكا للسيطرة على العالم العربى.. وأن هناك عددا من النشطاء والمدونين فى مصر وتونس تلقوا تدريبات عام 2004 بدعم أمريكى للقيام بمظاهرات وتحركات.. وأنه عندما قررت مصر وقف العمل بشبكة الإنترنت يوم 28 يناير زودت شركة جوجل المدونين فى مصر بتفاصيل عبر الأقمار الصناعية. لا يجب أن نكون ساذجين.. أنا ضد القول بأن 25 يناير نشأت من لا شىء.. أو أن هناك شبابا قرروا الثورة.. هكذا ببساطة!"

•إن حفيد حسن البنا الذى كان يرى ثورة يناير انقلابًا قاده المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، ويرى فى ثوار يناير حفنة من العملاء الذين تدربوا فى الغرب فى إطار المشروع الأمريكى للشرق الأوسط.. بات يرى أن ثورة (30 يونيو) هى انقلاب عسكرى قاده المشير السيسى.. وأنها الثورة المضادة لثورة يناير التى تُمثلها جماعة الإخوان المسلمين!

تحول "انقلاب يناير" إلى ثورة، وتحولت ثورة يونيو إلى انقلاب، وتحول "عملاء يناير من التيار المدنى" إلى "ثوار يناير من الإخوان".. وعلى أَثَرِ ذلك تحول المشروع الأمريكى للشرق الأوسط إلى المشروع الإخوانى للتحول الديمقراطى!

3.يرى رمضان أن العلمانية ليست نقيضًا للإسلام، وتجب المساواة المطلقة بين الجنسين.. وأنه من الأفضل استخدام مصطلح "المدنية" لا "العلمانية".. ويرى أن من أعراض أزمة الوعى الإسلامى المعاصر إشكالية قلب الوسائل والأهداف، ويقول: "إن هناك أناسا يزعمون العمل باسم الله وينسون هذه الغاية.. وينتهى الأمر بالهوس بأعمالهم وتنظيماتهم وحركاتهم إلى حد الهوس بالسلطة والمال".

•لكن هذه الرؤية المنفتحة فى جزئها الأول والأخلاقية فى جزئها الثانى.. أصبحت لا تعنى شيئًا بعد أن أصبح طارق رمضان أحد منظرى التنظيم الدولى للإخوان الذى بات مهووسًا بالسلطة والمال، ومتجاهلاً ما كان يطرحه عن إشكالية قلب الوسائل والأهداف.

4.يقول حفيد حسن البنا إنه لا يوجد نظام حكم إسلامى، بل توجد مبادئ إسلامية، وفى عام 2003 نادى بتعليق حدّ رجم الزناة، وأطلق دعوة لتجميد العمل بحِدود الشريعة الإسلامية. وفى عام 2005 أصدر بيانًا يربط فيه تطبيق الشريعة بتوافر الشروط الموضوعية لتطبيقها ويدعو إلى تعليق فوْرى لمبدأ العقوبات الجسدية (الحدود فى الإسلام).. ذلك أن ظروف تطبيق الحدود ليست موجودة فى كل العالم الإسلامى.

ويرى طارق رمضان أن الأيديولوجيا السلفية خطر كبير، وأنها تعتمد على الدعم الغربى.. ببساطة لأنها رأسمالية وتتوافق مع المصالح الجيوسياسية للغرب، ثم إنها تحقق هدف الغرب فى خلق الانقسامات داخل المجتمع المسلم ومنع الحركات الإصلاحية المناهضة للغرب من اكتساب المصداقية الدينية. وبدلاً من أن يدخل الغرب فى صراع مباشر مع المسلمين فيقوم بتوحيدهم ضده، يقوم بتقسيم المسلمين حول الإسلام نفسه.. أى تحول التنوع الطبيعى إلى فرقة. وينتهى حفيد البنا إلى أن التحالف بين السلفية والغرب هو الوسيلة الأكثر فعالية للتحكم فى الشرق الأوسط وتلغيم الدول المسلمة.. لذا يجب الانتباه حتى لا ننتهى منقسمين باسم الدين الذى يدعونا للتوحدّ".

•إن طارق رمضان الذى ذهب إلى هذا المدى فى رؤية الشريعة والحدود والأيديولوجيا السلفية أصبح داعمًا لرؤية التنظيم الدولى فى التحالف مع السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة.. من المؤكد أن طارق رمضان كان يرى ذلك التحالف بين الإخوان وبين التيارات المتطرفة.. ومن المؤكد أيضًا أنه واصل رؤية ذلك التحالف الآثم فى منصات الإخوان وفى سيناء قبل وبعد ثورة 30 يونيو. لكن حفيد البنا الذى ذهب أبعد من المتوقع فى رؤيته للتوفيق بين الحداثة والشريعة.. لم يذهب خطوة واحدة فى إدانة التوفيق بين الإخوان والعنف.

5.يرى "طارق رمضان" أن "الإسلاموفوبيا" و"اليهودفوبيا" أى العداء للمسلمين أو اليهود كلاهما مشكلة غير مقبولة وتجب إدانتها. ونشرت له صحيفة هاآرتس مقالاً يدافع فيه عن تهمة معاداة السامية الموجهة له.. قال فيه آراء خلاف آراء جده حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين.

وفى إجاباته على أسئلة بشأن دولة إسرائيل قال: إن إسرائيل لها الحق فى الوجود، وأدين كل التفجيرات الانتحارية. وحين سُئل: كيف يمكن للفلسطينيين أن يقاوموا.. أجاب: إنه حقيقة أمر صعب، عليهم أن يستعملوا وسائل مشروعة فى المقاومة.. تجب المقاومة السلمية.

•إن رؤية طارق رمضان فى الاعتراف بوجود إسرائيل ورفض المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل والإقرار فقط بالمقاومة السلمية.. تتعارض تمامًا مع الرؤية العلنية لجماعة الإخوان المسلمين.. ومع أيديولوجيا حركة حماس.. ألمع فروع الجماعة.. والحليف القوى لها منذ 25 يناير. ولكن "رمضان" الذى يناهض حماس فكريًا ويحالفها سياسيًا.. ترك التناقض على حالته.. وعاد داعمًا للتنظيم الدولى، تاركًا المعضلة الفكرية إلى "أيديولوجيا النسيان"!

( 4 )
إن طارق رمضان لم يفكر لحظة واحدة: لماذا خرج الناس فى 30 يونيو؟.. لكنه لو فكّر الآن لأدرك أن ذلك التخبُّط الفكرى فى رؤاه ورؤى الجماعة.. كان واحدًا من الأسباب.. ذلك أن المصريين قد أسقطوا: "اللامعنى".

فى 30 يونيو أكد الشعب أن "التناقض" لا يمكن أن يكون "رؤية".. وأن "الارتباك" لا يمكن أن يكون "وجهة نظر".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

fauad

ياسيد مسلماني

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة